جنازة ملكية ..!

كتب- محمد العولقي

في أية خانة يمكننا وضع خسارة ريال مدريد أمام أياكس أمستردام الهولندي في إياب ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا ..؟

الهزائم في عالم كرة القدم أشكال وألوان ، هناك الهزيمة المشرفة التي لا تقلل من قدر الخاسر، وهناك الهزيمة المنطقية التي لا تلعوها غبرة ولا ترهقها قترة، وهناك الهزيمة المفاجئة التي تأتي عكس مجريات اللعب ..

لا شك أن ريال مدريد قدم للعالم دون سابق إنذار نوعا وشكلا جديدا للهزائم (المتلتلة) في عالم كرة القدم ..

تفنن لاعبو ريال مدريد في معقلهم (سانتياغو برنابيو)، وهم يمرمطون بسمعة كبير القوم، ويمثلون بجثة ناديهم العريق شر تمثيل، ويجعلون من أعصاب جماهيرهم حطبا للتدفئة من صقيع لاعبي أياكس..

لم يكن أياكس ليجرؤ على التنكيل بعزيز القوم الذي ذل في الليلة المدريدية الظلماء، لولا سذاجة المدرب (سولاري) الذي راهن على فريق محبط نفسيا وشارد ذهنيا ..

استطاع (سولاري) بتعليمات من الأسد الذي فقد مخالبه وأنيابه (فلورنتينو بيريز) أن يقدم للعالم الهزيمة المذلة على طبق من الجهل المركب بتوابع زلزال برشلونة (رايح جاي) ..

ضرب زلزال برشلونة الملكي المترنح بثلاث درجات، ثم بدرجة على مقياس (ميسي)، ثم ترك عملية الإجهاز على الحمل الوديع لفريق أياكس الهولندي الذي يتألف من مجموعة مراهقين معجونين بماء الأبالسة ..

هوى ريال مدريد من القمة وهو يتنازل عن عرشه الأوروبي بسذاجة جلمود صخر حطه السيل من عل، في حين اكتفى اللاعبون من ليلة الإذلال بتوزيع القهوة السادة على حضرات المشاهدين المدريديين، بعدها ذروا الرماد في عيون الجماهير جزاء لأنها مستبشرة ..

عندما فاز الريال ذهابا على ملعب (يوهان كرويف) – على عكس ما تشتهيه سفن أياكس- كان الفوز غير المستحق لحظة مدريدية هاربة لفريق محبط، وظف المغضوب عليه (بنزيمة) لتجسيد حقيقة أن زلزال أياكس قادم بقوة ليقوض أركان القلعة الملكية ..

أتحدى أي رجل فني أو محلل كروي أن يتجرأ ويحدد لنا ملامح خطة (سولاري) في موقعة أربعة شلوا جمل ..

رأيت فريقا مذعورا لا خطة تلملم فرائص لاعبيه المرتعدة، ولا طريقة لعب واضحة تسعف الفريق لتغطية العورات المكشوفة والمتبرجة ..

هل أراد لاعبو ريال مدريد توصيل رسالة توضح كيف يكون (الحياد) في مواقف تتطلب التعصب للفوز بأي ثمن؟

ولأن في بحر الريال هذا الموسم الكبيس الكثير من القواقع، فإن لاعبي الريال قدموا لنا نموذجا رائعا في عدم الانحياز لسمعة وتاريخ الريال في دوري الأبطال، فغرقوا في شبر ماء أمام مدرب حجبت الرؤية عنه تماما، فلم يعد قادرا على توفير طوق نجاة من خسارة مذلة تهد أكتاف مسيري النادي الملكي ..

وعندما تنقل لنا وسائل الإعلام العالمية مهزلة التلاسن في غرفة الملابس بين رئيس النادي (فلورنتينو بيريز) وملك الكروت الملونة (سيرجيو راموس)، فهذا دليل دامغ يكشف البيئة الآسنة التي يعيش فيها ريال مدريد ..

كلنا كنا نترقب إحداث الفارق في المواجهة بين الفريق الغني حتى التخمة، والفريق الذي يعيش تحت خط الفقر، فارق دفعنا لتصدير الكثير من الكاريكاتيرات الساخرة بحق لاعبي الملايين، في حين كان التصفيق الحار من نصيب لاعبي الملاليم ..

الآن وبعد أن تأكد (بيريز) أنه باع محرك الحافلة المدريدية برخص التراب، مكتفيا بوعود شراء (الترماي) البرازيلي، لا بأس أن ييمم وجهه شطر (يوفنتوس) ثم يبدأ في بكاء جنائزي على رحيل الهداف البارع كريستيانو رونالدو في لحظة طيش تقاطع فيها برجا السرطان والجدي، فاختلت موازين القوة دون سبب معقول أو مبرر مقبول ..

البكاء المدريدي على رحيل رونالدو قد يطول، طالما وسماء مدريد لا تنبئ بقمر جديد يبدد ليلا تطاول على صدر النادي الملكي كليل امرئ القيس ..!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى