ساديو ماني.. فخر ليفربول

تحليل- احمد مختار

إذا قادك حظك العاثر مثلي لمشاهدة مباراة لفريق ليفربول على أحد مقاهي القاهرة، فأنت من دون شك لن تكون قادراً بأي حال من الأحوال على التغزل في أي لاعب آخر غير محمد صلاح، خصوصاً إذا كان هذا اللاعب هو ساديو ماني.

السنغالي الذي لا يحبه أغلب المصريين بسبب التنافس بينه وبين “مو” داخل الملعب على من يسجل أهداف أكثر، كذلك الصراع الكبير بين الثنائي على لقب أفضل لاعب في أفريقيا خلال العام قبل الماضي.

بالتأكيد كلها أسباب لا تقلل من صلاح أو ماني، وليس لهما دخل فيها بشكل صريح، لكنها مع بعض “البهارات” الإعلامية والطمع المشروع وغير المشروع من الثنائي الأفريقي داخل الملعب، من باب أن كل مهاجم يجب أن يكون طماعاً بدرجة أو بأخرى، فإن ساديو ماني صار مثل العدو الجماهيري لمحمد صلاح، على الأقل من وجهة نظر رواد المقهى الذي أتابع عليه بعض المباريات من فترة لأخرى.

ومع تأكيدي على مصريتي وانحداري من أسرة مصرية أباً عن جد، إلا أنني يجب أن أتحلى بقدر من “الموضوعية” في تحليلي للاعتراف بأن اللاعب السنغالي أفضل كثيراً من صلاح هذا الموسم، بشكل أكثر تحديداً منذ بداية عام 2019، وأنه ربما أفضل لاعبي ليفربول داخل الملعب، على اعتبار أن الأضواء تذهب دائماً تجاه المهاجمين، مع كامل الاحترام والتقدير لكل ما يقدمه الرائع فان دايك أفضل مدافعي العالم خلال الفترة الحالية.

ساديو ماني هو هداف الدوري الإنجليزي هذا الموسم إذا حذفنا ضربات الجزاء، ثاني هدافي ليفربول بالشامبيونزليج الموسم الماضي بفارق هدف عن فيرمينو وصلاح، وسجل أهم هدفين للفريق في النسخة الحالية حتى الآن في مباراة بايرن ميونخ، لذلك فإن السنغالي يملك أرقاماً مميزة على مستوى التسجيل سواء في البريمرليج أو دوري الأبطال، أن لغة الأرقام تؤكد وجهة النظر الخاصة بإمكانية ترشيحه كأفضل لاعبي ليفربول، أو على الأقل أفضل لاعبي الثلث الهجومي الأخير.

“لكي أكون صريحاً فوجئت تماماً باللعب في مركز المهاجم الصريح أمام واتفورد، خاصة أنني لم ألعب في هذا المركز من قبل، قبل المباراة تحدَّث كلوب معي، وقال حسناً سنقوم ببعض التغييرات، وأنت يا ساديو ستلعب كمهاجم”، تصريح سابق لساديو ماني مع شبكة “سكاي سبورتس” الإنجليزية منذ أسابيع للدلالة على ارتفاع سجله التهديفي مقارنة بالفترة الأولى.

الحقيقة أن ساديو ماني لا يلعب فعلياً كمهاجم صريح في رسم 4-3-3 لكلوب، لكن القصد أن الألماني يستخدم فيرمينو دائماً كمهاجم وهمي، أي لاعب هجومي يتحرك باستمرار إلى الخلف وعلى الأطراف، من أجل السماح لزملائه بتبادل المراكز معه داخل الصندوق.

سابقاً وخلال فترات طويلة قام صلاح بدور الساعد الهجومي الحقيقي في التشكيلة، لكن مؤخراً وخلال بعض المباريات كمباراة واتفورد بالدوري وبايرن ميونخ بالشامبيونز، فإن ماني هو من حصل على هذا الدور مقابل عودة الملك المصري خطوات للخلف تجاه الأطراف.

ربما الأمر يتعلق بقوة الجبهة اليسرى لبايرن بتواجد ريبيري وألابا معاً، لذلك قرر كلوب التزام صلاح بالشق الدفاعي مع زميله أرنولد، وحصول ماني على الحرية في الجهة الأخرى مدعوماً بروبرتسون يساراً، مع تغطية شاملة من جيمس ميلنر بين العمق والأطراف، وبالتأكيد هناك باب للحديث عن رافينيا الضعيف دفاعاً وهجوماً في جعل “نورمال وان” يركز على إعطاء لاعبه السنغالي تأشيرة الهجوم عوضاً عن زميله المصري.

ماني

بعيداً عن لغة الأهداف ولو مؤقتاً، هل فعلا ساديو ماني كان سيئاً خلال الموسم الماضي؟

بكل صراحة وحيادية الإجابة يجب أن تكون لا، لأنه كان أهم لاعب تكتيكي في صفوف ليفربول خصوصاً بعد انتقال البرازيلي كوتينيو إلى برشلونة. ساديو بعد رحيل كوتينيو، دخل خطوات للعمق، لم يعد جناحا صريحا على اليسار، بل “انتريور” حقيقي بين العمق والطرف، نصف جناح ونصف لاعب وسط صريح داخلي، لذلك زادت مساهماته بالمباريات الأخيرة في الموسم الماضي على مستوى الأسيست وصناعة الفرص، ولعب التمريرات الحاسمة، من الداخل تجاه فيرمينو أو صلاح، أو للأظهرة المتقدمة على الطرفين.

ساديو ماني ابن مدرسة الضغط العالي، ولا عجب في ذلك خصوصاً أنه قادم من ريد سالزبورج، واحد من أعظم أندية الضغط في أوروبا، خلال فترة تواجد الرائع روجير شميدت، قبل انتقاله إلى ساوثهامبتون ثم ليفربول. لاعب سريع، قوي، مهاجم أثناء الدفاع، ومدافع مع الهجوم، بالتالي يستطيع التألق في أي مركز بالملعب. مهاجم، جناح، لاعب وسط، وحتى ارتكاز هجومي إذا استدعى الأمر.

من 4-3-3 إلى 4-4-2، فإن ماني تخلى عن دوره الهجومي في مباريات عديدة بالموسم الماضي لكي يصبح لاعب وسط رابع، من أجل زيادة نسبة الفرص وصناعتها جنباً لجنب مع تشامبرلين، لتعويض نقص الابتكار الناجم من بيع فيليبي، مع الاكتفاء بالثنائي فيرمينو وصلاح بالمقدمة.

لم يتغير ماني من الموسم الماضي إلى هذا الموسم، فقط تعدلت بعض أدواره الخططية بأمر يورجن كلوب ليصبح أقرب إلى المرمى ويسجل أهدافاً أكثر، بالإضافة إلى تحسنه كثيراً كثيراً كثيراً فيما يخص ترجمة الفرص إلى أهداف، فالسنغالي بات أكثر حسماً أمام الشباك.

وتؤكد لغة الإحصاءات ذلك فالأهداف المتوقعة لساديو بناء على عدد وحجم وطبيعة الفرص هذا الموسم بالدوري 12 هدفا، لكنه سجل حتى الآن 16 هدفا، أي أنه سجل أكثر من المتوقع إحصائياً بـ 4 أهداف. مقارنة بالموسم الماضي سنجد أنه سجل 10 أهداف رغم أنه كان من المفترض أن يسجل 12.

فانوس محمد صلاح المنتشر في مصر

“انظروا كيف يدعم المصريون صلاح”، كان هذا تصريح سابق لشقيق ماني بعد هجوم الجماهير السنغالية عليه سابقاً، وأعتقد بأن ماني حالياً يستحق تشجيع الجميع من سنغاليين ومصريين، فتحية إلى فخر ليفربول الحقيقي هذا الموسم، على الأقل حتى الآن!

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى