هل سيعاني برشلونة من معضلة ليبرون جيمس في عالم ما بعد ميسي؟

تقرير- محمد يوسف

يملك ليونيل ميسي وليبرون جيمس الكثير من القواسم المشتركة، لكن كما تعلمون، بخلاف حقيقة أن واحد منهم يبدو وكأنه صُنع من مواد فضائية بشكل إعجازي.

خلال الأدوار النهائية للدوري الأميركي للمحترفين لكرة السلة عام 2015، وفي مواجهة جولدن ستايت ووريورز، حاول كليفلاند كافالييرز الاستفادة من عظمة ليبرون جيمس إلى أقصى درجة.

بعد الإصابات التي لحقت بثاني وثالث أفضل لاعبي الفريق، اعتمدوا على تسليم الكرة بصورة أساسية إلى يد ليبرون جيمس مع كل استحواذ هجومي، وتركوه يركض على مدار وقت الاستحواذ، ويختار خطة كل استحواذ بمفرده.

كان الأمر على وشك أن ينجح، حيث تقدم الـ كافالييرز بنتيجة مباراتين مقابل مباراة لصالح الـ ووريورز، ولكن ما تلى ذلك كان منطقياً؛ حيث خسروا الثلاث مباريات المتبقية من سلسلة ست مباريات.

ولكن أصبح ليبرون جيمس اللاعب الوحيد في تاريخ الدوري الذي يتصدر سلسلة المباريات النهائية في عدد النقاط، وصناعتها، وكذلك الكرات المرتدة.

كان عمر ليبرون جيمس آنذاك 30 عاماً، وهو نفس عمر ليونيل ميسي في بداية موسم 2017-18، وهو الموسم الذي بدأ فيه ميسي القيام بدور ليبرون جيمس ولكن في برشلونة. تصدر ميسي الدوري الإسباني في تسجيل الأهداف وصناعتها خلال الموسمين الماضيين، وهو أمر لم يفعله من قبل.

وفي هذه الأثناء، فاز برشلونة بلقب الدوري الإسباني بفارق 14 نقطة في موسم 2017-18، وبفارق 11 نقطة الموسم الماضي، وهي المرة الأولى التي يفوز فيها بالدوري بما لا يقل عن 10 نقاط في موسمين متتاليين منذ بداية هذا القرن.

وعلى الرغم من الهيمنة المحلية لبرشلونة على بطولة الدوري، إلا أنهم فشلوا بشكلٍ مزعج على المسرح الأوروبي في البطولة الأهم في القارة العجوز. كان يكفي هدف واحد من برشلونة في مباراة الإياب ضد روما أو ليفربول ليضع ميسي ورفاقه في الدور التالي من دوري الأبطال، خاصة بعد تقدمهم في مباراة الذهاب في الكامب نو بفارق ثلاثة أهداف كاملة.

إذا امتلك الفريق جزءاً بسيطاً من الحظ في أي لحظة من لحظات المباراة، لكان اختلف الأمر تماماً، ولن يجادل أحد في مدى عظمة ما قدمه ميسي على مدار الموسمين.

ولكن الأمور لا تسير على هذا النحو في الواقع، لأن بناء خطة لعب الفريق ليعتمد بشكل كامل على لاعب واحد سيجعلك بالتأكيد عرضة للريمونتادا ضد أي فريق يلعب القليل من كرة القدم بجدية وإصرار.

وإذا راجعنا الإحصائيات، سنجد أن ميسي خلق حوالي 24 ٪ من فرص برشلونة، بين صناعة للأهداف وتمريرات مفتاحية، في موسم 2017-18. بالإضافة لاعتماد برشلونة عليه أكثر وأكثر لوضع الكرة في المرمى، حيث وصل إلى معدل تسديدات على المرمى بحوالي 39٪، وهي ثاني أعلى نسبة يحققها منذ عام 2010.

وخلال الموسم الماضي، زادت أهمية ميسي كصانع للألعاب بنسبة وصلت إلى 28 ٪، مع احتفاظه بنسبة تسديدات مماثلة وصلت إل 38٪. وإذا جمعنا كلا الرقمين، سنجد أن ميسي شارك في هجمات برشلونة الإجمالية بنسبة وصلت إلى 63٪ و66٪ على التوالي. وهو ما لم يسبق أن حققه ميسي نفسه من قبل، حيث وصل أقصى أرقامه السابقة لنسبة 55 ٪ في موسم 2012-13.

كان ميسي اللاعب الوحيد في الدوريات الخمسة الكبرى في أوروبا الذي بلغ متوسط ثلاثة تسديدات خلال 90 دقيقة على الأقل، ومراوغتين ناجحتين، وأربعة محاولات ناجحة في الوصول للثلث الأخير من ملعب الخصم، بالإضافة لتمريرة حاسمة أو مفتاحية في كل مباراة.

وتعتبر هذه الجوانب الأربعة هي الجوانب الأساسية عندما يستحوذ الفريق على الكرة، من حيث قيادة الهجمات في الملعب، وضرب دفاع الخصم، وخلق المحاولات والمساحات، وكذلك التسديد على المرمى. والتي تفوق ميسي في جميعها.

وحتى الآن، نجح تألق ميسي الرائع في إنقاذ موسمي برشلونة السابقين مع إرنستو فالفيردي، باستثناء ليلة واحدة في ملعب الأولمبيكو ضد روما، والأخرى في الأنفيلد ضد ليفربول.

فالأداء الجيد لا يكفي بالضرورة للفوز بمثل هذه المباريات الصعبة، والتي تعتمد على أداء باقي أعضاء الفريق بالطبع، وعلى مدربه، مثلما تعتمد اللعبة بأكملها في الواقع.

لا يحظى استمرار ميسي في أدائه البدني ولياقته بالتقدير اللازم، مع التسليم بأنه لم يعد بنفس اللياقة بالتأكيد؛ فلقد لعب 30 مباراة على الأقل من مباريات برشلونة في الدوري الإسباني في كل موسم من المواسم الـ 11 الماضية. لذلك يعتبر العالم أن أدائه الرائع أمر مسلم به في كل الأوقات.

يبدأ الجسد في الانهيار في مرحلة ما، يمكننا أن نسأل ليبرون جيمس ولوس أنجلوس ليكرز. وحتى إذا لم يتعرض ميسي للإصابة، فسوف تقل لياقته البدنية في نهاية المطاف؛ حيث يبلغ معظم اللاعبين ذروة أدائهم البدني بين سن 24 و28 سنة ويبدأ المنحنى في الهبوط.

ولكن تظل حقيقة أن ميسي تخطى هذا السن بفارق أربع سنوات كاملة ولم يتراجع أدائه البدني بدرجة كبيرة هو السبب الرئيسي في بقاء برشلونة كأحد أفضل أندية العالم كل موسم.

لن يتكرر هذا الأمر في برشلونة، أو أي نادٍ آخر؛ من الصعب أن يأتي لاعب آخر قادر على إعادة إنتاج ما يفعله ميسي الآن، وهذا يخلق معضلة للفريق: هل تضحي بالمستقبل وتحاول أن تحيطه بلاعبين في قمة نجوميتهم، في محاولة الاستفادة القصوى من السنوات القليلة المتبقية له؟ أم تملأ التشكيلة بمواهب شابة يمكنها المساهمة بما تستطيع الآن، وتأمل أن تصل إلى ذروة أدائها عندما يسقط ميسي في نهاية المطاف عن قمة أدائه الشخصي؟

رجحت بعض الصفقات التي قام بها برشلونة في الآونة الأخيرة، مثل عثمان ديمبلي وفرانكي دي يونج، ذهاب الإدارة للاختيار الثاني. ولكن الإشاعات المنتشرة للصفقات المحتملة الأخرى، مثل جريزمان ونيمار، تبدو وأنها تؤيد الاختيار الأول بقوة.

مع امتلاك برشلونة لرابع أعلى متوسط أعمار في تشكيلته الأساسية في الدوري الاسباني العام الماضي، إذا نجحت هذه الصفقات فسوف يرتفع معدل الأعمار فحسب.

محاولة إعادة الإنجازات والرغبة الشديدة في الحصول على بطولة دوري الأبطال بأي ثمن، ستدفع في اتجاه عدم الاعتماد على الشباب، ومحاولة فعل أي شيء مهما بدا غير منطقي، والبحث عن نجوم قادرة على تقديم الأفضل في خلال هذه الفترة، بدون النظر إلى جدوى هذه الصفقات أو مدى فائدتها في الجانب التكتيكي.

ومع قدوم هذه الأسماء الكبيرة، فإن الإدارة تؤكد أن كل ما يهم هو الآن فحسب. وإذا فازوا بدوري الأبطال، فسيكون من الصعب مواجهتهم أو حتى مجادلتهم. ولكن من خلال دفع جميع أوراق الفريق في الوقت الحاضر والآن، فإنهم يؤكدوا أن مرحلة الانتقال إلى عالم ما بعد ميسي ستكون مؤلمة بشكل لم يشهده النادي من قبل.

فيمكننا أن نتذكر ما حدث مع كليفلاند كافالييرز عندما غادر ليبرون جيمس إلى لوس أنجلوس ليكرز، فقبل مغادرته وصلوا إلى النهائيات لأربع سنوات متتالية، ولكن في عامهم الأول بدونه، فازوا بـ 19 مباراة فحسب في موسم يتألف من 82 مباراة.

المصدر: ESPN

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى