رينيه فايلر.. تكتيك الأهلي ما بعد “إنترنت إكسبلورر”

تحليل- أحمد مختار

هذا السرد ليس له علاقة بالحكم على المدرب الجديد للأهلي، لأن المشوار لا يزال طويلا، ولم يوضع تحت ضغط التأخر في النتيجة أو اللعب خارج الأرض في مباريات الحسم بأفريقيا، لكنه توصيف دقيق عن رجل لديه أبجديات التكتيك ومباديء كرة القدم الحديثة.

فايلر

تدور كرة القدم الحديثة مؤخراً حول تسجيل أكبر عدد من الأهداف، صناعة الفرص، التحولات السريعة، والضغط العكسي في نصف ملعب المنافس، مع الولع بالاستحواذ أو الضغط أو كليهما بالنسبة لبعض الفرق والمدربين، لذلك زاد عدد الأهداف في المباريات الإقصائية، وأصبحت عملية العودة في النتيجة متاحة للجميع.

ما يجعلني أقول بأن الأهلي اتخذ خطوة إيجابية بإقالة لاسارتي “المتدرب” وجلب فايلر “المدرب”، أن الفريق اقتنع أخيرا بعدم جدوى التكتيك حاليا في أمريكا اللاتينية، حيث يغلب الطابع البدني والتوتر العصبي على المباريات، مع اكتفاء معظم المدربين بالتحفيز والاعتراض والوقوف خارج الخط.

أكبر مثال على ذلك المستوى الرديء الذي شاهدناه خلال نهائي كوبا ليبرتادوريس بين ريفر بليت وبوكا جونيورز، مستوى الفرق اللاتينية الضعيف في كأس العالم للأندية، واستقدام البعض لمدربين من خارج القارة، كما فعل فلامنجو مؤخرا مع خورخي خيسوس.

الفكرة أن المدرب الأوروبي الآن سواء لديه تاريخ قوي أو لا، يعرف التطورات الطارئة في اللعبة، يشاهد ويقرأ عن أفكار المدربين الجدد، ولديه علم بأهمية الضغط والتحولات والبناء من الخلف، كأسس رئيسية لأي فريق يريد الفوز. هذا ما يعرفه فايلر الذي نال الثقة سريعا، رغم أنه لم يدرب قبل فريق كبير، أو لديه معرفة بأدغال أفريقيا، أو كل الإكليشيهات المعروفة.

معظم الفرق الكبيرة الآن تلعب برسم قريب من 4-1-4-1 في مفهومه الأساسي مع مشتقاته الأخرى، وهذا ما اعتمد عليه فايلر أيضاً، مع مزيج بين 4-3-3 و4-2-3-1 لكن بتواجد محور رئيسي أسفل دائرة الوسط، حمدي فتحي الدينامو في المركز 6 أمام رباعي الدفاع.

عمرو السولية أقرب إلى لاعب الوسط المساند الحر المائل على اليمين في المركز 8، للربط مع الجناح حسين الشحات والظهير فتحي/ هاني، بينما أفشة مزيج بين لاعب الوسط الثالث وصانع اللعب المباشر، بالتبادل مع جونيور أجايي، المهاجم “الكروكي” المتحرك باستمرار.

في الجهة الأخرى، رمضان صبحي يدخل للعمق، يترك الخط أمام انطلاقات علي معلول لإكمال “الأوفرلاب” يساراً، مع صعود قلبي الدفاع لضغط الخصم أكثر ولمحاولة قطع الكرة قبل مرورها منطقة الوسط.ذ

ما فعله فايلر أنه نقل أبجديات التكتيك الجديد إلى فريقه، فيما يخص التمركز الصحيح بالمنتصف من أجل السيطرة، وتبادل المراكز على الأطراف لفتح الملعب عرضيا، مع إعطاء صفة عدم التوقع لهجومه، بوضع أجايي الذي يعود كثيرا للخلف، حتى يسمح للثنائي الشحات ورمضان بالدخول إلى منطقة الجزاء بالتبادل، لذلك سجل رمضان وزميله أهدافا أكثر هذا الموسم.

من دون الكرة، يضغط الفريق بقوة على الخصم في نصف ملعبه، عن طريق تقدم عمرو السولية وأفشة رفقة أجايي. لاعبا الوسط يتقدمان للقطع، بينما الأجنحة تعود قليلا للخلف من أجل غلق زوايا التمرير ومساندة الأظهرة في الحالة الدفاعية.

في حال عدم نجاح موجة الضغط الأولى، فإن الأهلي يعود سريعا لـ 4-5-1، بتواجد رمضان والشحات أمام الظهيرين مباشرة، والاكتفاء بأجايي في المقدمة وخلفه ثلاثي الارتكاز مباشرة.

مجدي أفشة أقل من صالح جمعة على مستوى المهارة، لكنه أقوى في الشق الدفاعي، وأسرع على مستوى التحولات، لذلك أصبح الأهلي قادر على الضغط بطريقة أفضل، خصوصا مع تواجد لاعب ارتكاز متحرك مثل حمدي فتحي بالخلف للتغطية العكسية.

كل ما أضافه فايلر حتى الآن أنه أدخل مبادئ الكرة الحديثة إلى الدوري المصري الرتيب الأشبه بـ “إنترنت إكسبلورر”، حيث لا يضغط أحد، ولا يحاول أي فريق تسجيل أكثر من هدف، ولا يفضل الغالبية العظمى لعبة التحولات السريعة.

لذلك نجح أمثال فيريرا وجروس مؤخراً لأنهم يعرفون الجديد ولديهم ميزة تعليم اللاعبين، كذلك اشتهر مدرب دجلة سريعا رغم أنه لا يفوز باستمرار، فقط لأنه مختلف عن البقية. وبالتأكيد حصل فايلر على دفعة معنوية كبيرة في البدايات، لأنه يحاول لعب كرة القدم التي نشاهدها في التليفزيونات والمقاهي مع البريمرليج ودوري الأبطال.

يستحق الأهلي مدرباً أفضل من لاسارتي وسابقيه، لذلك قد يكون فايلر هو الحل في القادم، لكن بشرط واحد، أن يجيد التعامل مع مباريات خارج الأرض في أفريقيا، وينجح في نقل أفكاره إلى لاعبيه مع الوقت، بالإضافة إلى تعليمهم كيفية التمركز والتعامل في الحالة الدفاعية من دون كرة، حيث تعتبر هذه الملاحظة أكبر سلبيات اللاعب المصري بالفترة الأخيرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى