من يريد إيقاف ليفربول عليه الاتصال بمستر كارلو أنشيلوتي

تحليل- أحمد مختار

تعتبر مواجهة فريق ليفربول بمثابة الكابوس لأي منافس بالفترة الأخيرة، مع قوتهم في الضغط، التحولات، والجانب البدني، بالإضافة إلى عامل الحسم أمام المرمى، واللعب حتى آخر ثانية من المباراة دون توقف، لكن الأمر مختلف بقوة عندما يكون الخصم تحت قيادة الإيطالي كارلو أنشيلوتي، قارئ النوتة الذي يجيد التحكم في طريقة لعب الليفر بقدر أكبر من الجميع بلا استثناء.

لا يفضل أي منافس في الوقت الحالي مواجهة ليفربول، محلياً وأوروبياً، لعدة أسباب أهمهما أن هذا الفريق يمكنه إيذاء خصمه في حال عدم تركيزه لدقائق معدودة، سواء بتسجيل عدة أهداف في آن واحد أو بممارسة الضغط القوي في نصف ملعبه، والأمثلة عديدة خلال الموسمين الماضيين.

كذلك أصبح لدي المجموعة ثقة عمياء في قدرتهم على التسجيل بأي وقت، مما يجعلهم أبعد ما يكون عن التسرع أو التشتيت أو فقدان الأمل بالثواني الأخيرة.

كارلو الوحيد الذي لديه وجهة نظر مغايرة، فاز عليهم الموسم الماضي بهدف نظيف، خسر مباراة بشق الأنفس بنفس النتيجة، ثم تفوق هذا الموسم بهدفين في السان باولو، قبل أن يتعادل في الأنفيلد بهدف لكل جانب مؤخراً. كل هذه الأمور تؤكد أن الأمر ليس ضربة حظ أو وليد الصدفة.

يقول أنشيلوتي عبر “سكاي إيطاليا”: “ليس من السهل الحصول على تعادل بالأنفيلد، لقد عانينا من الضغوط وبدأنا في الدفاع من العمق، لقد خرجنا أحياء وهذا هو الشيء المهم، لقد غيرنا اللاعبين، لكننا لم نغير الهيكل الأساسي للفريق”.

لعب دي لورينزو على الجهة اليسرى عندما كان لدينا الكر، ثم عاد لمساعدة خط الوسط في 4-4-2 عند الدفاع، تتميز فرقة ليفربول بجودة هائلة، لكنها تصبح أكثر قابلية للتحكم عندما يُجبرون على اللعب في أماكن منخفضة أو ضيقة”.

أفضل طريقة لمواجهة أظهرة ليفربول القوية هي اللعب بأجنحة “الوينج باك” على الخط، أو التحول إلى رسم 4-4-2 القائم على تواجد ثنائي صريح على الخط في كل جانب، وهذا ما راهن عليه كارلو هذا الموسم، بتمركز ثنائي صريح على الأطراف، ظهير يلعب على الخط وجناح للداخل في أنصاف المسافات، أو العكس بدخول الظهير إلى العمق قليلاً وبقاء الجناح على الخط.

ضد ليفربول في سان باولو خلال الجولة الأولى، فعل أنشيلوتي نفس الطريقة لكن بإضافة ثنائي هجومي متحرك غير ثابت، لوزانو على اليسار لمساندة جبهة إنسيني وروي، وميرتينز على اليمين بالقرب من لورينزو وكابيخون، ليمنع أرنولد وروبرتسون من الاستلام والتسليم بحرية، ويستغل المساحات خلفهما أثناء التحولات السريعة، لذلك لا غرابة أبدا أن تلك المباراة كانت من أسوأ مباريات أرنولد-روبرتسون، ومن أكثر المواجهات التي تحول فيها ماني وصلاح إلى الأطراف.

في الأنفيلد لم يتغير شيء على الصعيد الخططي، فقط تم تغيير بعض الأسماء كما قال كارلو نفسه، اللعب برسم قريب من 4-4-2 من دون الكرة، لورينزو على اليمين أمام ماكسيموفيتش لإيقاف خطورة ماني يساراً، وفي الجهة الأخرى يتواجد روي على اليسار وأمامه زيلينسكي، البولندي الأقرب إلى نصف جناح ونصف لاعب وسط إضافي، لتشكيل ثلاثية الارتكاز رفقة آلان ورويز في العمق.

لم يصعد روبرتسون مثل العادة لأن ميرتينز يميل إليه باستمرار للضغط وكأنه أيمن لا مهاجم صريح، بينما يساند لورينزو زميله ماكسيموفيتش من أجل الوقوف أمام ماني وخلق موقف 2 ضد 1 في الحالة الدفاعية.

في الجهة الأخرى الأمر يسير بنظام شديد أيضاً، لأن زيلينسكي يضغط باستمرار على جوميز -بديل أرنولد- بينما يتحرك كوليبالي خطوات لليسار حتى يغلق أنصاف المسافات أمام صلاح بالتعاون مع روي الظهير الأيسر.

خلال 90 دقيقة، مرر لاعبو ليفربول 86 تمريرة في مناطق أنصاف المسافات هجومياً، أي المنطقة الواقعة بين الـ 6 ياردات أمام المرمى وأطراف الخط الجانبي من الملعب، لكن من بين هذه التمريرات العديدة، فقط 12 تمريرة مكتملة داخل منطقة الجزاء في أماكن خطيرة، مما يؤكد نجاح خطة أنشيلوتي في إضعاف أطراف ليفربول، وتقليل عدد الكرات الواصلة إلى ماني وصلاح في مناطق يمكن منها تسجيل الأهداف.

لم يهاجم نابولي كثيراً لكنه أيضاً كان خطيراً أثناء الاستحواذ والتحولات، من خلال قلب الخطة إلى ما يشبه 3-5-2، بدخول ماكسيموفيتش إلى العمق كمدافع ثالث على مقربة من مانولاس وكوليبالي، وإعطاء روي الحرية الكاملة لكي يصبح جناح صريح على اليسار، مستغلاً عدم ارتداد صلاح لأداء الواجب الدفاعي، وحصول فريقه على الكثافة العددية والنوعية أمام جوميز وخلفه في مناطق أسفل الأطراف.

هاجم فريق الجنوب الإيطالي من اليسار بنسبة مئوية وصلت إلى 54 %، لتواجد لوزانو، زيلنسكي، وروي في هذا الجانب، بالإضافة إلى نجاحه في قلب اللعب من جهة لأخرى، بحثاً عن اللاعب الحر الهارب من الرقابة يميناً، وأدى هذا الدور بنجاح البلجيكي ميرتنيز، مسجل هدف التقدم في الشوط الأول.

عرف أنشيلوتي كيف يقلل من خطورة أظهرة الليفر، وأجبر صلاح وماني على الاستلام والتسليم في مناطق ضيقة ومزدحمة، ليرمي الحمل الهجومي على لاعبي الوسط، غير المميزين في هذا السياق مقارنة بالركض والتحولات، ليتعادل أصحاب الأرض من كرة ثابتة فقط، بعد صعود لوفرين أثناء الركنية ووضعه الكرة في الشباك معلناً هدف التعادل لحامل لقب البطولة الأوروبية.

توقع الجميع أن الليفر سيسجل هدف العادة في الوقت القاتل، لكن تعامل نابولي بهدوء شديد مع المجريات بفضل خبرة مدربهم وتمرسه في مثل هذه المباريات، فالمدير الفني الإيطالي لم يعد الأفضل وسط أقرانه، ولديه قصور واضح في مباريات الدوري، ويعاني بشدة هذا الموسم، لكنه لا يزال يملك DNA مثل هذه المواجهات المعقدة، التي تتحول إلى مباراة شطرنج خارج الخط، وكارلو من الأفضل في هذا المجال حتى الآن!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى