10 دروس نتعلمها من بيب جوارديولا

تقرير- محمد يوسف

يملك بيب جوارديولا 27 بطولة باسمه حتى الآن، ولا شك أننا سوف نتذكره كواحد من أعظم المدربين في تاريخ كرة القدم على الإطلاق. أحد تلاميذ الأب الروحي يوهان كرويف، يُعتبر بيب نقطة مرجعية أساسية للمدربين الجدد في جميع أنحاء العالم، مع تأثر العديد منهم بفلسفته المعروفة باللعب الموضعي “Positional play”.

جوارديولا، حسب رؤيته لنفسه، مهووس باللعبة، ويبحث دائماً عن طرق مختلفة للتفوق على المنافسين. دعنا نتعرف على بعض الدروس التي يمكن استخلاصها من أحد ألمع العقول في كرة القدم حالياً.

اللعب الموضعي يتطلب الصبر

في الموسم الأول لجوارديولا مع مانشستر سيتي، تمكن الفريق من احتلال المركز الثالث فقط في الدوري الإنجليزي الممتاز، وفشل في الحصول على أي بطولات. أطلق عليه العديد من مشجعي الأندية المنافسة لقب جوارديولا الجبان “Fraudiola”، مما يشير إلى أن نجاحه السابق أتي بفضل جودة لاعبيه في الأندية التي دربها فحسب، وليس نتيجة لأي منهجية تدريب معقدة ومتطورة.

ورغم ذلك، بعد مرور 12 شهر، تُوّج السيتي ببطولة الدوري، بعدما جمع رقم قياسي من النقاط وصل إلى 100 نقطة. وكانت كرة القدم التي قُدمت هذا الموسم تستحق الانتظار، لتصبح الانتصارات بنتائج عريضة وفارق أهداف كبير أمر عادي بالنسبة للفريق، وبأهداف جماعية بأسلوب لعب مثالي.
«من الأسهل كثيراً اللعب بخطة 4-4-2، تدافع وتلعب على الهجمة المرتدة، لأن ذلك يستغرق وقتاً أقل لإتقانه. ولكن أن تعتمد على اللعب الموضعي، وتهاجم في أضيق الأماكن هو أمر معقد للغاية؛ لأن كل لاعب يقع على عاتقه العديد من الأدوار الفردية». بيب جوارديولا.

إدارة النجاح والفشل

بجانب امتلاكه القدرة على رفع معنويات اللاعبين بعد الفشل، يعتقد جوارديولا أنه يجب على المدرب أيضاً أن يحتفظ بشعور التواضع داخل غرفة خلع الملابس أثناء فترات النجاح.

«عندما تفوز بكل شيء، يملك لاعبوك ثقة هائلة بأنفسهم، ويعتقدون أنه إذا كان بإمكانهم الفوز مرتين، وثلاث، وأربع مرات، فيمكنهم أن يكرروا ذلك مرة أخرى. وفي ذات الوقت، هناك خطر الاعتقاد بأنهم أفضل مما هم عليه فعلاً، لذا يجب عليك تهدئتهم. وعندما تخسر، عليك أن تقترب منهم أكثر، وتظهر تعاطفك وتجعلهم يصدقون أننا بإمكاننا الفوز في المرة القادمة. ميزة إدارة هذه الحالات هي أن اللاعبين يكونوا على استعداد ليسمحوا لك بمساعدتهم». بيب جوارديولا.

الاستحواذ ليس هدفاً بحد ذاته

الأسلوب الذي لعب به برشلونة، تحت قيادة جوارديولا في الفترة ما بين 2008 و2012، كان يُسمى غالباً “تيكي-تاكا”، والذي يُعرف بأنه أسلوب لعب يتضمن تمريرات قصيرة دقيقة للغاية في مساحات ضيقة، مع التركيز على الاحتفاظ بالاستحواذ دائماً. ومع ذلك، شدّد جوارديولا بانتظام على أن الاستحواذ كان مجرد أداة لمساعدتهم على خلق فرص كثيرة، بدلاً من أن يكون الاستحواذ هدفاً بحد ذاته.

«إن لم تفعل شيئاً بالكرة، فما الفائدة؟! يُدرك الجميع حول العالم متى تلعب بهدف محدد أو متى تلعب لأنك تحب امتلاك الكرة فحسب. إن لم يتميز استحواذك بالحركة المستمرة، فالأمر أشبه بالعيش بدون حياة، ومن الخطر أن تلعب بهذا الشكل. من الأفضل أن أجلس وقدماي متشابكتان على المقعد وأنا أنتظر الهجمات المرتدة للمنافس». بيب جوارديولا.

الترابط بين الدفاع والهجوم

في 10 مواسم كاملة لجوارديولا كمدرب، أنهت فرقه بطولة الدوري كأعلى من سجل الأهداف في 5 مناسبات. ومن المثير للاهتمام، أنها حققت أفضل سجل دفاعي 8 مرات. بالنسبة لجوارديولا، الحفاظ على هيكل هجومي محكم ومنظم في نصف ملعب الخصم هو الطريقة الأكثر فعالية لتجنب تلقي الأهداف. أسلوب هجومك سيؤثر على أسلوب دفاعك، والعكس صحيح.

«أنا لا أقسّم كرة القدم إلى هجوم ودفاع. في كرة القدم، كل شيء يعتمد على كل شيء». بيب جوارديولا.

تحليل الخصوم

غالباً ما يشيد به الزملاء لأخلاقيات عمله المذهلة، فمن المعروف أن بيب يقضي ساعات في تحليل الخصوم القادمين، بحثاً عن نقاط ضعف لاستغلالها. بالنسبة له، هذا واحد من أهم جوانب المهنة.

«أجلس وأشاهد الفيديوهات، وأدون الملاحظات. في هذه اللحظة يأتي الإلهام، اللحظة التي تحمل المعنى لمهنتي. في اللحظة التي أعرف، بالتأكيد، أنني قد حصلت عليه، وأعرف كيف أفوز. إنها اللحظة التي يصبح فيها عملي ذا معنى حقيقي». بيب جوارديولا.

لعب كرة القدم الجيدة

بالرغم أنه ذكر في عدد من المناسبات أنه لا توجد طريقة صحيحة أو خاطئة للعب كرة القدم، إلا أن جوارديولا لديه تعريف واضح لماهية كرة القدم الجيدة من منظوره. فبالنسبة للبعض، فإن الهجوم المضاد السريع أو بناء اللعب مع التركيز على الطابع الواقعي هي أكثر الأساليب الممتعة التي يمكن مشاهدتها. ومع ذلك، بالنسبة لبيب، فإن التركيز على التلاعب الذكي بالخصم هي كرة القدم الجيدة.

«من وجهة نظري، كرة القدم الجيدة في دراسة حركات الخصم، واتخاذ القرار الصحيح. إذا كان قلب الدفاع يملك الكرة، يتحرك الجناح إلى الأمام لجذب الخصم، حينها يمرر الكرة إلى الظهير الذي يملك الآن مساحة أكبر للتحرك. إذا كنت قلب دفاع ومهاجم الخصم يضغط علي ليغلق المساحة أمامي، فإن زميلي الآخر في قلب الدفاع لديه المزيد من الوقت والمساحة، لذا أمرر له الكرة. عملية اللعب الموضعي هي أن تُحرّك الخصوم، ومن ثم يتخذون قراراتك بالنيابة عنك، ومن هنا سنبدأ اللعب». بيب جوارديولا.

تسويق رؤيتك

خلال عصر التنافس الثنائي على الألقاب في كل من ألمانيا وإنجلترا، غالباً ما تُسوق المعركة الحامية، بين بيب جوارديولا ومدرب ليفربول الحالي يورجن كلوب، على أنها العقل التكتيكي المدبر في مواجهة الرجل المُحفّز. في الحقيقة، يظل كلوب أيضاً خبير تكتيكي ذكي، ويظل جوارديولا كذلك قائد ملهم. فإن امتلاك القدرة على إقناع الآخرين برؤيتك، بالنسبة لبيب، هي مهارة أساسية يجب أن يملكها كل مدرب.

«تحتاج دائماً إلى إظهار صفاتك من حيث التكتيك والرؤية، وفي نفس الوقت، إدارة شخصيات مختلفة للغاية، ليس فقط اللاعبين ولكن أيضاً الأشخاص الذين يشكلون جهازك الفني، في محاولة لإقناعهم بأن الطريقة التي سوف يلعبوا ويعيشوا بها لمدة 11 شهراً هي أفضل طريقة». بيب جوارديولا.

التكيف مع لاعبيك

في حين أن كثير من المدربين سوف يصممون نظاماً مناسباً تحديداً للاعبين الموجودين في فرقهم، إلا أن مدربين آخرين سوف يصلون إلى نادٍ جديد بقصد فرض رؤية تكتيكية واضحة لا يمكن تغييرها. يؤمن جوارديولا بأهمية الإخلاص لمبادئ اللعب الأساسية، بينما يخلق أيضاً نظاماً يساعد في الحصول على أفضل مميزات لاعبي فرقته.

«نحن نتكيف مع صفات اللاعبين لدينا، في محاولة جعل هجومنا أكثر ملاءمة لقدراتهم. لكن الأنماط التي نتبعها متشابهة للغاية، فهي لا تتغير كثيراً». بيب جوارديولا.

التركيز على الجماعية

بالرغم من أن بيب تمتع بتدريب بعض من أعظم لاعبي كرة القدم، إلا أنه كان دائماً يصر على أن الجماعية أكثر أهمية بكثير من أي فرد. اللاعبون الذين لا يشاركونه هذه الرؤية يتم تنحيتهم جانباً بسرعة، مما يسمح بنظام لعب يعتمد على التحركات غير الأنانية، والتمريرات الاستثنائية.

«لا أحب عندما يقول اللاعب: أنا أحب الحرية، أريد أن ألعب لنفسي. لأن اللاعب يجب أن يفهم أنه جزء من الفريق، مع 10 لاعبين آخرين. إذا كان كل لاعب يلعب مثل لاعبي موسيقى الجاز، سوف يتحول الأمر إلى فوضى. لن يكونوا فريقاً». بيب جوارديولا.

الجيل الجديد الشجاع

كما عرفنا، من المرجح أن يستغرق تنفيذ نهج قائم على الاستحواذ وقتاً أطول من نظام يعتمد على الهجوم المرتد. ومع أخذ ذلك في الاعتبار، هناك حاجة إلى مزيد من الصبر من الأندية والمشجعين على حد سواء. وعلاوة على ذلك، يتطلب الأمر شجاعة كبيرة من المدرب للمضي قُدماً في هذا الطريق، ويعتقد بيب أن جيل الشباب من المدربين على استعداد أكبر لأخذ تلك المخاطرة.

«هناك جيل جديد من المدربين مستعدين جيداً وشجعاناً للغاية. الفرق بين كرة القدم الجيدة وكرة القدم السيئة هم المدربين الشجعان وأولئك الذين لم يمتلكوا تلك الشجاعة. أعتقد أن الجيل الجديد من الشباب والذي يبدأ من القاعدة الشعبية سيعطينا كرة قدم جيدة وإيجابية. فعندما يلعب الفريقان وكلاهما يقدم كل شيء للفوز، فسوف نحصل دائماً على مباراة جيدة». بيب جوارديولا.

تقرير مترجم من THE TACTICS BOARD

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى