كأس العالم في مرمى نيران السياسة.. هل تتأثر البطولة بالإجراءات البريطانية؟

 

  • توووفه – حسام نصر

 

لا شك أن التوترات السياسية بين بريطانيا وروسيا، التي وصلت إلى ذروتها هذه الأيام على خلفية حادث تسميم جاسوس روسي سابق في بريطانيا، ستلقي بظلالها على بطولة كأس العالم لكرة القدم 2018 التي تنطلق منتصف يونيو المقبل في موسكو.

والواقع أن أهم حدث كروي في العالم والذي ينتظره الملايين منذ 4 سنوات، بات بين عشية وضحاها في مرمى نيران السياسة وتجاذباتها، وهو ما قد يؤثر بشكل أو بآخر على البطولة.

 

تلك الأزمة المستعرة بين البلدين، وصلت أصداؤها الأولى، إلى الرياضة، حين أعلنت تيريزا ماي رئيسة وزراء بريطانيا مقاطعة بلادها رسميا لمنافسات المونديال.

وأكدت ماي بشكل رسمي عدم حضور أي من الوزراء البريطانيين أو أفراد العائلة الملكية لأي فعالية أو مباريات في كأس العالم بعد الحادث.

وأعلنت ماي، سلسلة عقوبات ضد روسيا أبرزها طرد 23 دبلوماسيا وتجميد الاتصالات الدبلوماسية الرفيعة المستوى، محملة موسكو مسؤولية تسميم العميل الروسي السابق سيرجي سكريبال وابنته، واللذين عثر عليهما فاقدي الوعي إثر تعرضهما لغاز الأعصاب في سالزبوري بجنوب غرب إنجلترا في 4 مارس.

الأمر لم يتوقف على الجانب الرسمي فقط، فالتأثيرات وصلت إلى مواطني البلدين، حيث أكدت تقارير صحفية بريطانية، أن الأزمة أجبرت العديد من مشجعي المنتخب الإنجليزي على تغيير خططهم المرتبطة بالمشاركة في العرس الكروي.

وتشير التقارير الرسمية الأخيرة في بريطانيا، إلى أن مبيعات التذاكر لأنصار منتخب “الأسود الثلاثة” لم تقترب من المستوى الكبير الذي كانت عليه عشية كأس العالم بالبرازيل عام 2014.

وأشارت شبكة “سكاي سبورتس”، إلى أن مكتب الخارجية والكومنولث في بريطانيا، أصدر بيانا اشتمل على نصيحة سفر جديدة إلى أي شخص يعتزم زيارة روسيا في يونيو ويوليو المقبلين.

وقال البيان: “نظرا للمناخ السياسي الحالي بين البلدين، فإن الخارجية البريطانية تحث المسافرين على الابتعاد عن أي احتجاجات وتجنب التعليق علنا على التطورات السياسية أثناء وجودهم في روسيا”.

وأضاف البيان، محذرا المشجعين الإنجليز: “بسبب التوتر السياسي المتصاعد بين المملكة المتحدة وروسيا، يجب أن تكون على دراية بإمكانية حدوث مشاعر معادية للبريطانيين أو مضايقات في هذا الوقت”.

رد الجانب الروسي جاء عبر رئيس اللجنة المحلية المنظمة للمونديال أليكسي سوروكين، حيث قلل من حجم تأثير القرار البريطاني على البطولة.

وقال سوروكين لوكالة “ريا نوفوستي” المحلية: “الخيار متروك لكل مشجع للقدوم إلى كأس العالم من عدمه”.

وأضاف: “هذا الأمر لن يكون له أي تأثير على جودة البطولة. عزمنا على الدوام أن ننظمها على أعلى مستوى”.

وتابع: “من المؤسف ألا يلتزم الجميع بمبدأ ترك كرة القدم خارج السياسة”.

كما دخل وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، على خط الأزمة، حين طالب روسيا بضرورة احترام وعودها للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بضمان توفير إقامة “آمنة” للمشجعين البريطانيين الذين سيحضرون المونديال المرتقب.


اقرأ أيضا: جونسون يطالب روسيا بضمان إقامة “آمنة” للمشجعين البريطانيين خلال المونديال


ويتوجه منتخب إنجلترا بقيادة مديره الفني جاريث ساوثجيت إلى روسيا في الصيف المقبل، لخوض منافسات المجموعة السابعة التي تضم إلى جانبه منتخبات تونس وبنما وبلجيكا وتقام مبارياتها في مدن فولغوغراد، نيجني نوفغورود، وكالينينغراد.

تلك التحذيرات الرسمية في بريطانيا، جعلت البعض يبدأ في تعديل خطط سفره قبل أكبر بطولة لكرة القدم في العالم.

ماكس بيل من سكانثورب، هو أحد هؤلاء المشجعين الذين بات عليهم تغيير خططهم، للتأقلم مع المستجدات السياسية. فرحلة “العمر” لماكس، والتي كانت مقررة لمدة أسبوعين إلى روسيا مع عدد من أصدقائه تأثرت بتلك الأحداث وبات عليهم إعادة ترتيب أوراقهم.

وقال ماكس لـ “سكاي”: “لقد كان الأمر صعباً، ونحاول أن نحدد ما يجب فعله وأين يجب أن نبقى، لكننا بدأنا التفكير”.

وأضاف: “قررنا السفر إلى ليتوانيا، والبقاء هناك والقدوم إلى كالينينغراد، فقط، لمتابعة المباراة الأخيرة للمنتخب في المجموعة ضد بلجيكا. كان من المفترض أن تكون هذه رحلة العمر ولكن كل شيء اختلف الآن”.

وأشار: “لقد تابعنا عن كثب الأخبار بشأن حادثة العميل، وهذا ما سنفعله. بالطبع، إذا تقدمت إنجلترا في المجموعة وقطعت شوطا طويلا في مراحل خروج المغلوب، سيكون علينا النظر مرة أخرى في خططنا”.

ويشير أحد التقارير في صحيفة التايمز البريطانية، إلى أن اتحاد كرة القدم الإنجليزي، قد باع أقل من 2000 تذكرة فقط لشركائه الرسميين لمباراتي المجموعة ضد تونس وبنما، كما أن إنجلترا لم تظهر حتى في قائمة أفضل 10 دول حصولا على التذاكر التي تم بيعها بالفعل.

من جانبهم، يصر منظمو الرحلات السياحية في لندن، على أنها ستكون بطولة يجب على المشجعين تذكرها لعدة أسباب.

وأكد مايلز ساور من موقع “Sportoptions.com”، أكبر وكيل لكرة القدم والرياضة في المملكة المتحدة لـ “سكاي سبورتس”: “الروس منظمون بشكل جيد للغاية، ويتمتعون بحسن الضيافة في جميع تعاملاتنا معهم”.

وأضاف: “لقد شاركنا في كأس القارات العام الماضي، وكل ما حدث كان جيدا للغاية. بالنسبة لنا، الأمر يتعلق بالعمل المعتاد. لم يحدث أي انخفاض في الطلبات على الإطلاق”.

مع هذا الارتباط المتزايد بين الأزمة السياسية والبطولة المرتقبة، يبقى على محبي كرة القدم في بريطانيا، الاختيار بين الاستماع للنصائح الحكومية والبقاء في بلدهم لتفادي أية عقبات قد تواجههم خلال فترة المونديال، أو ترك كل هذه التحذيرات جانبا، والتركيز على الاستمتاع بكرة القدم، التي دائما ما كانت أفضل وأكثر إمتاعا حينما تبتعد عنها السياسة بكل أزماتها.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى