بين الأهلي و البايرن .. يفتح الله ..!

كتب: محمد العولقي

“لا شيء مستحيلا ” هذا هو الشعار الذي يردده لاعبو الأهلي قبل مواجهة عملاق أوروبا بايرن ميونيخ الألماني في نصف نهائي كأس العالم للأندية بالدوحة ، أما عشاق و جماهير الأهلي من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر فيهتفون من كل مكان ” نعم نستطيع “

شعاران متقاربان يجسدان قناعة النادي الأهلي التي ترتكز على ضرورة مواصلة الانتصارات و تجاوز كل العقبات الصعبة، حتى لو كانت هذه العقبة جلمود صخري من عيار العملاق البافاري بايرن ميونيخ ، الفريق المخيف الذي روع كبار أوروبا بنتائح ساحقة ماحقة ..

ومع أن الأهلي يتخذ من شعار الفوز مبدأ يؤسس عليه متانة العلاقة مع تحقيق الانتصارات كعادة دأب عليها طوال تاريخه المجيد، إلا أن مواجهته لبايرن ميونخ في ظل قوة الأخير، تحتاج إلى تدابير كثيرة و كبيرة، منها ما هو فني بحت، ومنها ما هو تكتيكي و معنوي و ذهني، ومنها ما هو جماهيري يشتت تركيز لاعبي البايرن.

يظن بعض من يدعون وصلا بالقراءات التحليلية أن فوز الأهلي أو التعادل مع بايرن ميونيخ الألماني في الوقت الأصلي مسألة لها علاقة بالمستحيلات الثلاثة الغول و العنقاء و الخل الوفي ، لكنهم يبنون هذا التصور المتشائم على معايير ظاهرية قد تكون خادعة ، و يتجاهلون المعايير الباطنية بما فيها من جزئيات صغيرة لا يراها إلا كل من يؤمن أن كرة القدم اجتهاد و عمل و تحدي و توفيق من عند الله سبحانه وتعالى ..

يخشى كثير من المحللين و الفنيين على الأهلي من نقاط قوة بايرن ميونيخ ، ويرونه من زاوية (القلق النفسي) فريقا كاملا من مجاميعه يخلو من الثغرات و نقاط الضعف ، لكنهم بالمقابل يتناسون أنه ما من نظام تكتيكي محكم بالغ الكمال، هناك حتما نقاط ضعف في كل فريق ، فالكمال في كرة القدم محال تماما ..

من يتأمل في لوحة بايرن ميونيخ ظاهريا سيغره تمازج الألوان، و قدرة اللاعبين على السيطرة نفسيا على المنافس، خصوصا بعد أن صارت ثمانية اثنين تميمة هلع ترعب الخصوم، لكن عندما نقترب أكثر و نتمعن في (الباطن)، سنكتشف أن هناك كما من النشازات التي تفضح مساوئ بايرن ميونخ في عمق الدفاع بالذات ..

في تصوري أن بايرن ميونيخ يرتكز على عاملين يشكلان قوته ، وبهما يتحايل المدرب فيلك ويراوغ كل الذين يتلصصون على طريقة لعبه.

الأول: بدني بحت ، بايرن ميونيخ يبدو قويا جدا من الناحية البدنية ، ولا شك أن مخزونه اللياقي هو العامل الحاسم الذي يدفع البايرن إلى التكشير عن أنيابه الهجومية مبكرا ، بمعنى أن استراتيجية لعب البايرن في مباريات الكؤوس تستند على إرهاب الخصم بالتسجيل في الشوط الأول ، و عملية الإرهاب النفسي هي العملية التي يعول عليها لاعبو بايرن ميونيخ أمام الأهلي، لأنها في الواقع جزء من شخصيته و من قوته المعنوية و الذهنية.

الثاني: ينتهج بايرن ميونيخ فلسفة لعب محورها اللاعبان توماس موللر رأس الحربة الوهمي، و كيمتش الفراشة التكتيكية التي تتنقل في الوسط دون قيود ، و إذا استطاع لاعبو الأهلي تضييق الخناق على موللر و كيمتش و منعهما من اللعب المريح، فإن هذا الأسلوب سيؤدي إلى عزل الهداف الخطير روبرت ليفاندوفيسكي، و يتسبب في إحداث شرخ في جدار الشاكلة نفسها، وفي هذا الجانب يمكن للاعبي الأهلي بالثبات الانفعالي و التركيز الذهني أن يؤذوا لاعبي البايرن، بتخريب البناء ومنع بطل أوروبا من فرض شخصيته و طريقة لعبه ، يجب أن يخلق لاعبو الأهلي طريقة فوضوية على البايرن تدخله متاهة نفسية لا أول لها ولا آخر ، فهل يمتلك الأهلي تلك الأدوات التي تجرد البايرن من حصانته التكتيكية و النفسية ..؟

يحاول لاعبو البايرن إظهار (عنتريات) في تصريحاتهم عن قوتهم و ثقتهم، يهمزون و يغمزون و يلمحون عن ثمانية برشلونة ، إنهم يفتعلون معركة نفسية استباقية لمنع تسرب الإرهاق البدني و الذهني إلى ألسنتهم ، وهذه حقيقة يمكن للأهلي البناء عليها نفسيا ، لاعبو بايرن ميونيخ يعانون من الإرهاق البدني و الذهني ، و عندما نضيف الى هذا العامل عاملا آخر وهو تبعات السفر و حمولته الزائدة من المتاعب النفسية، سيكون أمام الأهلي فرصة امتلاك سلاح المصاقرة النفسية ..

لا يبدو مدرب البايرن فيلك مغرما بالاستحواذ على الكرة و تدويرها كثيرا ، هو دائما يتعاطى مع أنفاس الكرة الأنجلوساكسونية ، الكرة الضاغطة التي تعتمد أولا و أخيرا على قوة الاندفاع البدني ، لهذا يجب أن يطبق موسيماني أسلوب الضغط العالي على البناء التكتيكي للبايرن وليس أسلوب الراقابة التقليدي (مان تو مان ) ..

سيبني مدرب بايرن ميونيخ خطة بلوغ النهائي على معطيات الأهلي في الشوط الثاني أمام الدحيل ، و في تصوري أنه سيركز كثير على جهة الأهلي اليمنى حيث يسكن محمد هاني ، سيدفع لهذه الجهة بثالوث سريع كالبرق من الظهير ديفيز إلى جنابري رجل الوسط الطرفي و أحيانا الفرنسي كومان ..

أغلب الظن أن مدرب البايرن لن يغير أسلوبه، ولن يضع في باله أدنى حساب لأية مفاجأة أهلاوية ، لأنه ينظر للاعبي الأهلي على أنهم انفعاليون يحركهم الحماس الزائد عن الحد ، وهو يظن أن هذا المخزون الحماسي سيضمحل لأنه بلا تعزيز تكتيكي واضح يحفظ للاعبين مرونتهم في عمليتي الامتداد و الارتداد ..

نعم هناك فوارق فنية واضحة و متعددة بين لاعبي البايرن و الأهلي ، وهناك أيضا الاختلاف في نوعية المدارس الكروية ، لكنهما يتفقان في الطموح ، من حق الأهلي أن يطمح في الفوز أو حتى جرجرة البايرن و تعذيبه لأطول فترة ممكنة ، و من حقه أن يحلم فكرة القدم لعبة أخطاء ، و إذا لم يكن بايرن في يومه – وهذا ما نتمناه – فإن التوفيق سيتجه للأهلي ، و على فكرة الأهلي عودنا سابقا على نسف التوقعات كما حدث عام 2001 عندما فاز على ريال مدريد في مباراة القرن على ستاد القاهرة الدولي، علما بأن ريال مدريد كان يضم (جلاكتيكوس) رهيب مث زيدان و روبرتو كارلوس و لويس فيغو و راؤول و كاسياس و هيرو و ماكاليلي و سولاري ، وهم من حيث القيمة الفنية أعلى بمراحل من القيمة الفنية للاعبي البايرن الحاليين ، يمكن لموسيماني أن يعرض للاعبين هذه المباراة التاريخية، كي يعرف اللاعبون أن المستحيل ليس أهلاويا ..

على موسيماني أن يقرأ الملف الفني و التكتيكي لبايرن ميونخ ، عليه أن يبحث و يستفيد من نقاط ضعف البايرن ، وقبل هذا و ذاك على موسيماني أن يفكر بهدوء في كيفية تعطيل مفاتيح لعب البايرن الهجومية، وهي معروفة وواضحة من العمق موللر و كيمتش ومن الرواقين جنابري و كومان وفي الأمام ليفاندوفيسكي ، على موسيماني أن يعرف كيف و من أين تؤكل كتف بايرن ميونيخ ؟ ، فهو ليس منيعا و لا حيويا بما فيه الكفاية ، إنه فريق ملامحه تحدد أسلوبه ، ولو عرف موسيماني كيف يغتال رتم البايرن، و إيقاف تمويل ليفاندوفيسكي من موللر و كيمتش تحديدا، سينجح الأهلاوية في فتح باب جهنم على بطل أوروبا ..

الأهلي ببلوغه نصف النهائي حقق هدفه الاستراتيجي ، و كل المطلوب منه أمام بايرن ميونيخ أن يضع كل الضغط على كاهل الفريق الألماني ، و الأهلي سيمتلك روحا معنوية مغايرة أمام البايرن، و سيسعى بكل ما أوتي من قوة أن يرهق لاعبي البايرن و يتلاعب بأعصابهم و يقض مضاجعهم ، التركيز الذهني و الانضباط التكتيكي و استغلال بطئ ألابا و بواتينج في عمق الدفاع عوامل يستطيع لاعبو الأهلي البناء عليها لصناعة الفارق ، عدا ذلك، فبين الأهلي و البايرن يفتح الله ..!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى