الليلة التي بكى فيها البدر وسطع أمان!!

كتب- محمد بن عبدات

كانت ليلة الأمس مسرحا لتنافس رياضي شريف، كان منتخب اليمن في مواجهة قوية مع أحفاد تيمورلنك على استاد الملك فهد بالعاصمة السعودية الرياض، فيما كان منتخب عيال ديرة الصباح في مواجهة النشامى باستاد جابر الواقع بضاحية جليب الشيوخ في العاصمة الكويتية الكويت.

كان الطموح هنا وهناك مختلفا، فرفاق بدر المطوع يتطلعون لعبور عقبة الأردن والذهاب إلى ضفة المنتخبات المتأهلة لنهائيات كأس آسيا مباشرة ومعها خوض مرحلة التنافس الأخيرة لخطف بطاقات التأهل لمونديال قطر، وكذلك هو الحال بالنسبة لنجوم المنتخب الأردني الذين يتطلعون لاحتلال وصافة المجموعة، خلف الكنغر الأسترالي وحجز بطاقة أفضل ثان في المجموعات.

لكن التعادل الذي خيم على الأجواء بعد نهاية المباراة التي لم تظهر بالصورة التكتيكية والفنية المنتظرة، وفقا وإمكانيات واستعدادات المنتخبين، جعل الكويتيين يعضون أصابع الندم على ضياع فرصة التأهل ومواصلة المنافسة على خطف إحدى البطاقات المونديالية التي طالت لقرابة أربعين عاما على عشاق الأزرق منذ تواجد نجوم العصر الذهبي للكرة الكويتية في كأس العالم 1982 في إسبانيا.

لهذا كانت دموع الأسطورة بدر المطوع عقب صافرة النهاية تظهر كم هي الحسرة والألم الذي انتاب هذا النجم العربي الكبير على فقدان الفرصة الذي كان يتمنى ان يحققها وينهي مشواره الكروي متوجا بذلك الإنحاز.

لكن واقع وظروف الأزرق لم تحقق أحلام البدر الذي بكى بحرقة في ليلة خروج عيال الديرة أمام النشامى الذي ظل لديهم بصيص امل لبلوغ الدور الثاني للتصفيات المونديالية والتأهل المباشر للكأس الآسيوية، هذا ماكان مسرحه ليلة الأمس في الكويت.

أما في السعودية وفي عاصمتها الرياض كان منتخبنا اليماني في مواجهة الأوزبك القادمين من سهول ومرتفاعات آسيا الوسطى الذين تشعر بداخلهم دائما بروح وعزيمة بطلهم الأسطوري تيمورلنك وفي مخيلتهم آثار المغول والتتار، ولهذا يجد من يقابلهم شراسة وقوة.

الأوزبك يدركون تماما قبل المواجهة أن أحفاد قحطان وسيف بن ذي زن الذين أتوا إليهم من خلف حصون مملكات عظام سبأ وحضرموت وقتبان ومعين وأوسان ليسوا في الفورمة مثلما يقولون وبمقدروهم الانتصار عليهم بكل سهولة ويسر، إلا أن ماكان في حساب الأوزبك تغير بكل تأكيد منذ الدقائق الأولى من المواجهة التي ظهرت قوية على ملعب الملك فهد، حيث اختلفت فيها الصوره تماما لأداء منتخبنا عما ظهر عليه في مباراته الأولى باستاد مرسول بارك أمام السعوديين التي كان فيها أفراد الأحمر اليماني لاحول لهم ولاقوة، ولهم كل العذر في ذلك فالواقع والظروف المحيطة بالرياضة اليمنية عموما لاتعطي أي طموح حاليا في أن نحقق شيئا من الآمال والطموح في المجال الرياضي رغم أننا نملك الكفاءات والمواهب الرياضية سواء في كرة القدم أو غيرها.

لكن عملية التوضيب والترتيب ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب أهم معضلة تواجهها رياضتنا وتضع فوق تراكمات الظروف والواقع المحيط بها.

لهذا حين عمل الجهاز الفني على إصلاح بعض الأخطاء التي رافقت مباراته الأولى وإقحام بعض اللاعبين الذين يشاركون لأول مرة مثل الحارس محمد أمان وجهاد عبدالرب وهو ماطالبنا به عقب مباراة السعودية، ورغم التغيرات الطفيفة، تغير شكل وأداء المنتخب كثيرا وكان ندا قويا في كثير من فترات المباراة للأوزبك رغم فارق الاستعداد والإمكانيات في كل شيء والتي تصب في مصلحة المنتخب الأوزبكي، وهو مايعطي مؤشرا صريحا أن باستطاعة لاعبينا مقارعة كبار منتخبات آسيا متى ماتهيأت لهم الظروف المناسبة من إعداد وتجهيز ودعم وإشراف إداري وفني على مستوى عال فلن يقف أحد أمامهم.

أقول ذلك الكلام بكل ثقة وعلى مسؤوليتي، ولعل الجميع يتذكر المستوى القوي الذي أظهره المنتخب أمام سنغافورة والسعودية في أول مباراتين خاضهما بالتصفيات المزدوجة وكان بمقدوره الخروج فائزا فيهما بدلا عن التعادل..

كل ذلك أتى عقب تهيئة المنتخب بصورة طيبة قبيل خوض التصفيات من خلال مشاركته في بطولة غرب آسيا وقبل أن يدب اليأس والإحباط في عناصر المنتخب من الاغتراب الطويل عن الوطن والسفر من بلد إلى آخر دون توقف، وهو ماعكس نفسه على بقية نتائجه بعد ذلك ولهذا كنت أرى نظام التجمع يخدم منتخبنا أكثر من أي منتخب كوننا لا نلعب على أرضنا، وعند هذه النقطة أتذكر الكابتن سامي النعاش رحمة الله عليه، حيث كان يعمل بروح وطنية كبيرة وفكر فني وتدريبي ونفسي عال، يخفف معه كثيرا من معاناة وشتات فكر اللاعبين من إرهاق الأسفار والاغتراب الطويل ويعمل على توضيبهم بصورة أكثر من ممتازة داخل الملعب، وهو ما ينعكس على مستواهم وأدائهم العام..

ليلة أمس كنت أتمنى أن يشارك بقشان في ناحية اليمين بدلا من علاء نعمان الذي يحتاج إلى جاهزية بدنية وذهنية داخل الملعب فبقشان ظهر متألقا في ناحية اليمين فيما قدم مفيد جمال نفسه بتميز في الناحية اليسرى وهذا ماكان يعتمد عليه النعاش، وكان من الأفضل أن يلعب محمدوه وعماد منصور لاعبي ارتكاز وظهر التفاهم بين الاثنين واضحا في غرب آسيا وبداية مباريات التصفيات الآسيوية.

الشيء الذي استغربته هو وضع محمدوه خلف المهاجمين ولهذا افتقد للكثير مما يملكه من عطاء وكان الأجدر وضع جهاد عبدالرب في هذا المركز وهو مكانه الذي يتميز فيه وهذا ما أظهره في الدوري التنشيطي الذي كان أحد نجومه في حين كان إشراك اللاعب جلال الجلال كأساسي متسرعا عليه من وجهة نظري ولهذا لم يظهر لنا إمكانياته ولفت الأنظار اليه كما حصل مع زميليه جهاد عبدالرب والحارس الصاعد والواعد محمد امان الذي سطع نجمه بقَوة في ليلة أعاد اليمنيون فيها شيئا من إبداعهم وروحهم القتالية وإن خرجوا خاسرين بهدف خدش شباكهم من ضربة جزاء مشكوك في أمرها كثيرا.

آخر الكلام

من خلال متابعتي لما يكتب حول مباريات المنتخب الأخيرة أجد أن بعض المحسوبين على الإعلام الرياضي لايملك قراءة فنية في حين أجد بعض المتابعين يتفرد ويتميز بذلك أفضل من هؤلاء الإعلاميين، فالصحفي أو الإعلامي الرياضي الذي يحلل أو يكتب في كرة القدم أو غيرها من الألعاب إذا لم يملك رؤية فنية وفكرا يساعد في إصلاح وتطور هذه اللعبة أو تلك فالأفضل له ألا يضع رأسه في كل كبيرة وصغيرة، ويستحسن أن يظل على النفاق والتطبيل الذي لا يجيد غيره.

ختاما أتوقع أن تكون شاكلة المنتخب في المباراة القادمة على النحو التالي: أمان في حراسة المرمى، مفيد والمجرشي ومدير والصادق رباعي الدفاع في ظل إيقاف بقشان وابتعاد علاء نعمان عن حضوره البدني والذهني في المباريات الماضية، محمدوه وعماد ثنائي الارتكاز، عمر الداحي وأحمد ماهر أو عبدالواسع في الأجنحة، ومحمد الداحي مهاجم صريح وخلف المثلث الهجومي النجم جهاد عبدالرب.. مجرد وجهة نظر مع أمنياتنا بالتوفيق لمنتخبنا في مبارياته القادمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى