الفيلسوف الطبيب.. حين تكون الرياضة ذا مبدأ

كتبت- ترياء البنا

أصبحت كرة القدم ذا مفهوم استثماري، تساهم بقدر كبير في اقتصاد البلدان، ما منحها قوة أكبر من ذي قبل، حين كانت مجرد رياضة بها كاسب وخاسر.

أن تمارس الكرة وتتنقل بين الدوريات كلاعب محترف، يكون هدفك دائما حصد الألقاب والبطولات لصنع تاريخ رياضي مليء بالإنجازات.

ولكن، هناك رجل واحد، تمرد على مفاهيم كرة القدم الراسخة في الأذهان، لاعب يختلف كثيرا عن اللاعبين الذين عرفناهم ونعرفهم، فقد مارس الكرة بمفهوم مختلف وتكنيك مختلف، وفنيات ومهارة لا يضاهيه فيها أحد.

إنه سقراط الذي ولد بالبرازيل 19 فبراير 1954، فيلسوف الكرة، الطبيب الذي لم تؤثر الرياضة على مسيرته التعليمية، ففضل أولا الاهتمام بدراسته، حتى حصل على دبلوم طب الأطفال عام 1979، بعد ذلك دخل أرض الميدان الذي لمع فيه بقدرات فنية أبهرت الجميع ليطلق عليه لقب الفيلسوف، لأنه لعب الكرة للإمتاع أولا ثم الفوز، ليصبح حالة خاصة في تاريخ لاعبي الكرة، ولم لا وهو الذي تمرد على احترافه في فيورنتينا الإيطالي، الذي لعب له عام 1984، بسبب الماديات الطاغية، وتفضيل الأندية النتائج على حساب المتعة الكروية، فلم يفكر كثيرا وقرر العودة إلى البرازيل.

وكما نجح سقراط في الاختبار الأول وهو الدرجة العلمية، فقد نجح أيضا في الاختبار الثاني، وهذه المرة كان سياسيا، فبعد عودته من إيطاليا، كان اللاعب الوحيد الذي عارض بشكل علني النظام الديكتاتوري وغياب الديمقراطية، والوضع القهري الذي تعيشه البلاد، فقاد مسيرة دمقرطة نادي كورينثيانز الذي لعب له خمسة مواسم، سجل خلالها 168 هدفا في 302 مباراة، وصرح سقراط علانية أنه ظل في الملعب فقط من أجل الوزن السياسي، ومحاربة القمع المجتمعي للجيش.

وفجأة أعلن سقراط مغادرته عالم الساحرة المستديرة في أبريل 1987، وتفرغ لمهنته، ليعلن نهاية مشوار رجل منح كرة القدم مفهوما غير الذي نعلمه، فهو اللاعب العملاق ذو الأرجل الطويلة الذي مارس كرة القدم بأمانة وإخلاص بعيدا عن الحسابات المادية.

توفي الأسطورة البرازيلي بمستشفى ألبرت أينشتاين بساو باولو، 4 ديسمبر 2011، عن عمر 57 عاما، عقب تعرضه لأزمة مرضية شديدة، ليرحل عن عالمنا، تاركا لقطات أبهرت من لم يعاصروه أكثر ممن شاهدوه، ومتفردا في نظرته لكرة القدم، حين منحها قيما أخلاقية بعيدا عن الرباضة، ليظل حتى النهاية متميزا عن اللاعبين عبر كل العصور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى