ميسي .. أخيرا ..!

كتب- محمد العولقي

ربما لم تكن بطولة كوبا أمريكا ذات أهمية قصوى للبرازيل والأوروغواي وكولومبيا وحتى لمنتخب الأرجنتين، لكنها بالنسبة للنجم الكبير ليونيل ميسي كانت قبلة الحياة ..كانت هذه البطولة سيئة جدا من حيث المستوى الفني، لا يمكن مقارنتها بما نشاهده من متعة حقيقية في مباريات اليورو، لكن فوز ميسي بأول ألقابه الدولية في مرحلة أرذل العمر خفف من وطأة فشل البطولة فنيا وجماليا وجماهيريا ..

وكم هي غريبة وعجيبة كرة القدم .. لقد عبست طويلا في وجه هذا اللاعب عندما كان في ريعان شبابه وفي أوج مستواه الفني والبدني، لكنها ابتسمت له أخيرا في نسخة استثنائية بدا وكأن اتحاد ( الكونميبول) صممها خصيصا ليرفع كأسها هذا الأرجنتيني الذي عاش طويلا في جلباب مقارنته الظالمة بالساحر مارادونا ..

لطالما وضع ميسي مسيرته الدولية مع التانجو بين مطرقة بطولاته المذهلة مع برشلونة وسندان شعب أرجنتيني لا يعترف إلا بلغة البطولات الدولية، ولعل هذا اللقب حتى إن لم يكن ذا بريق يوازي بريق بطولة مثل أمم أوروبا أو كأس القارات قد يحرر ميسي نفسيا ويدفعه إلى الأمام في آخر مغامرة مونديالية العام القادم بقطر، لكن شتان بين مستوى منتخبات أمريكا الجنوبية المتواضع ومستوى منتخبات أوروبا المرتفع ..

وإذا كان (ليو) قد حظي في البرازيل بتعاطف كبير على كافة المستويات، فهذا الدلال لن يحظى بربعه في نهائيات كأس العالم القادمة، فمنتخبات القارة العجوز تطورت تطورا مذهلا ولا يمكن مقارنتها بمنتخبات أمريكا الجنوبية التي تراجعت في ظل السياسة غير المفهومة من اتحاد (الكونميبول) ..

لربما كان لقب ميسي الأول مع منتخب بلاده سيمر مرور الكرام، بالنظر إلى مباريات اليورو الممتعة والمثيرة ، لكن فوز الأرجنتين باللقب في قلب ملعب الماركانا وتحت أنظار تمثال المسيح وعلى حساب الجار البرازيل رفع من سقف حلاوة اللقب الخامس عشر لراقصي التانجو، بالتأكيد لن تكون سعادة الأرجنتينيين بهذا الحجم لو جاء التتويج على حساب منتخب آخر، فما بين البرازيل والأرجنتين من عداء كروي سافر يفوق عداء اليابانيين للأمريكيين على خلفية قنبلتي هيروشيما وناجازاكي ..

ميسي بالذات في النهائي كان باهتا بعض الشيء وترك تنفيذ مهمة تدمير البرازيل للاعب المظلوم إعلاميا أنخيل دي ماريا، لكن خفوت بريق ميسي في النهائي لا يلغي إطلاقا أنه كان نجم البطولة الأول بلا منازع بمعطيات الأسيست والأهداف الأربعة وقدرته على الكفاح وتحفيز زملائه ..

ميسي بالذات تحرر أخيرا من لعنة مارادونا وسيبقى هذا اللقب الذي هرول نحوه طوق نجاة من جحيم المقارنات مع مارادونا، والأكيد أن ميسي قد يغريه هذا اللقب ويفتح أمامه شهية مطاردة كأس العالم القادمة، من يدري فربما تحدث المعجزة في الرمق الأخير من أرذل العمر الكروي إن لم يكن للمنتخبات الأوروبية العملاقة رأي يخالف تطلعات الاستثنائي ليونيل ميسي ..!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى