ظواهر صوتية

كتب- سالم ربيع الغيلاني

مسؤولو رياضتنا يعانون من وباء شديد العدوى والتحور– مع الاحترام والتقدير الشديدين لكوفيد19- اسمه “الظاهرة الصوتية”، فقبل الانتخابات وعود وعهود بالتغيير، وآمال عريضة بغد أفضل وأحلام كبيرة بتحقيق ألقاب وإنجازات غير مسبوقة، وبعد الانتخابات شكوى خلف تذمر خلف انزعاج، هذا هو حالهم منذ الحقب الغابرة ولم يتغير شيء، يعتقدون في أنفسهم ما ليس فيها ويظنون في الحكومة ما لم تصرح أو تلمح به، ثم بعد أن يعرونَ أنفسهم الواهمة بأنفسهم يكيلون خلف الأبواب المغلقة وجلسات المقاهي والملتقيات، وغيرها من التجمعات، التّهم على الحكومة، ويحملونها أوزار ضعف بصيرتهم وسوء تقديرهم وتصريفهم للأمور!، والغريب في الأمر أنه عندما تتبدى لهم الفرص وتلوح لهم السوانح لإخراج ما يعتلج في صدورهم تجدهم “صمًا بكمًا عميا فهم لا يرجعون”.

هل قامت حكومتنا بدورها كاملاً تجاه رياضتنا؟ سؤال جميعنا يعرف جوابه؟ ولا يحتاج لصرف الوقت من أجل الإجابة عليه، لا شيء مخفي في دهاليز رياضتنا فشمسها دائمة السطوع وتضاريسها سهول منبسطة يستطيع الذهن بنظرة سريعة أن يستوعب حالها، وأن تختزن الذاكرة أدق تفاصيل تكوينها؛ وما لم يدركه النظر فيها يدركه السمع، فحيطان رياضتنا لا تملك خاصية العزل الصوتي فهي مصنوعة من سعف النخيل؛ ولا تستطيع أن تحتفظ حتى بأقل همسة، إذا أيها السادة النجباء، يا من حملتم على عواتقكم النهوض بها لماذا تشكون وأنتم تعلمون؟! ولماذا قررتم خوض هذا الغمار الصعب رغم علمكم بما ينتظركم؟!.

الأعجب في كل ما يحدث، رؤساء الأندية فهؤلاء هم أكثر من يعاني، فهم يستمرون بالشكوى والتلوي من ألم قرارات وسياسات إدارات هذه الاتحادات لسنوات، وتسمع لبعضهم خوار لا ينقطع، والبعض الأخر لا يترك سانحة إلا وتوعد فيها إدارات الاتحادات بالويل والثبور وعظائم الأمور، لكن ما أن تقبل الانتخابات بأثوابها الفضفاضة وألوانها الزاهية، حتى تتغير أحوالهم فيصبح المكروه لديهم محبوبا، والمحبوب مكروها، ويتحول الفشل إلى نجاح والنجاح إلى فشل، في فنتازيا أغرب من الخيال.

لقد أمست انتخابات اتحاداتنا كسوق عكاظ الجاهلي، إلا أنها تخلو من قرض بديع الشعر؛ يأتيها التجار وطلبة المنافع من كل حدب وصوب، البعض لتصريف سلعه، والآخر لعقد صفقات مربحة، وباتت بعض اتحاداتنا الرياضية كالجواري يحظى بها من يدفع أكثر.

داء (الظاهرة الصوتية) لم يقتصر على إداريي الرياضة فقط، بل طال أشخاصًا في قطاعات أخرى ذات صلة بها، منها قطاع الإعلام، الذي يعد الرئة التي ينفِّس من خلالها الجمهور الرياضي عن إحباطاته، من خلال الأطروحات التي تعبر عن أوجاعه وآماله وأحلامه مما يقدمه ممتهنوه، والذين أثبتت التجارب أن بعضهم أيضًا مجرد ظواهر صوتية كشفتها الأيام وعرتها المواقف، فلك الله يا رياضتنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى