قطر والحلم العربي 2

كتبت- ترياء البنا

كأس العالم في دولة عربية، جملة كانت- ولفترة قريبة جدا- من نسج الخيال، أو ربما لم تمر أصلا على مخيلة أي عربي شغوف بكرة القدم، ينتظر الأعوام الأربعة تلو الأخرى ليستمتع بنجوم كرة القدم حول العالم في التجمع الكروي الأكبر، ولكن جاءت قطر لتكون الفانوس السحري (في النسخة الثانية والعشرين)، الذي حقق وببصمة متميزة هذا الحلم الذي ربما لولا قطر لاستحال إلى يوم يبعثون.

أصبحنا على مشارف بطولة كأس العالم قطر 2022 (والتي ستكون الأخيرة بمشاركة 32 منتخبا، حيث إنه ابتداء من نسخة 2026 سيكون المشاركون 48 منتخبا)، تفصلنا أيام فقط عن النسخة العربية، ورغم كل ما أنجزته قطر على أرض الواقع من هندسة جديدة لملاعب المونديال لم نعهدها من قبل في أي من النسخ السابقة، من خلال تأمين كل سبل الراحة من وسائل عزل الحرارة، وبناء الملاعب ذي السقف المتحرك أو المغلق مع مبردات منتشرة، إلا أن الدوحة لازالت حتى اليوم تتعرض للاستفزاز من قبل الحاقدين والحاسدين، الذين شككوا منذ فوز ملف قطر للاستضافة، في قدرتها على تنظيم العرس العالمي.

وحين أصبحت الدوحة في أتم الجاهزية، متحدية كل الصعاب والمعوقات، خارسة كل ألسنة اللهب المتطايرة، راسمة صورة ناصعة البياض، كجوهرة متلألئة تنتظر انطلاق الصافرة فقط لإنهاء كافة صور الجدال، ولبدء منافسات كروية، بقي هناك من يهاجم بغباء لا نظير له، صاما أذنيه، مغميا عينيه، عما تحقق واقعا، بأن قطر تفوقت على كل الدول العظمى التي استضافت البطولة، وحدها دون شربك في الاستضافة، رغم أنها الأصغر مساحة في تاريخ الدول المضيفة، في الوقت الذي شككت فيه معظم الدول في قدرة الدوحة على استضافة كل مباريات البطولة.

استطاعت قطر خلق النجاح، وأسست ما تحقق من الصفر ببناء ملاعب المونديال التي ستتحول فيما بعد إلى صور أخرى للاستفادة منها، وأصبحت فخرا لكل عربي، حين عملت بصمت ودون الانجرار إلى مهاترات لا فائدة منها، معلنة بقوة أنها أرض السلام، صانعة السلام، وعاصمة الرياضة التي تفتح ذراعيها لاستقبال الوفود من كل أنحاء العالم بكرم الضيافة العربية الأصيلة، فاستحقت الشكر والدعم من الجميع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى