* الهلال والنصر .. نار الغيرة ..!

 

كتب_ محمد العولقي

 

* ثمة عوامل واضحة للعين البصيرة والعين الحسيرة، هي خليط من الذاتي والموضوعي تجعلني أكثر تعصبا لدوري المحترفين السعودي في نسخته الجديدة عن كل دوريات قارات العالم، لعل أبرزها عودة (نار الغيرة) بين الجارين اللدودين والغريمين التاريخيين الهلال والنصر على خلفية سباقهما المحموم في كيفية إعداد كتيبتين مدججتين بصفوة من المحترفين المرموقين ..

يبدو الانطباع المبدئي عن دوري المحترفين السعودي هذا الموسم مختلفا على مستويي الشكل والمضمون، فالقيمة التسويقية للدوري السعودي المرتفعة تشير إلى أن الفوارق البشرية بين فرق النخبة متقاربة، لم تعد شاسعة كما كانت في أيام سادت ثم بادت، وهو ما يعني أن التنافس الكروي داخل الملاعب وخارجها سيكون مشتعلا و حارقا كالجمر، ولعل هذه الميزة (الفنية) بين الفرق تجعل من الدوري السعودي واحدا من أقوى الدوريات في العالم، دون أن يكون في شهادتي أدنى مجاملة للأشقاء الذين يخططون بوعي احترافي ويخلقون مناخا كرويا يجعل الدوري السعودي فضاء “مفتوحا” للتنافس المثير حيث المجد للمطرقة والنصر للسندان ..

أبدو متعصبا للدوري السعودي هذا الموسم أكثر من تعصبي للدوريات العربية الأخرى، والسبب الذي يبطل العجب أنني وعبر قرون الاستشعار عن بعد أراهن أن هذا الموسم سيشهد صراعا ساخنا بين الهلال والنصر، أما لماذا الهلال والنصر دون الاتحاد والأهلي وبقية فرق النخبة التي أحتفظ لها بمساحة من الاحترام ؟
الإجابة بسيطة وتتلخص في نوايا نادي النصر (العالمي)، الذي يحاول استعادة التاج والصولجان من الغريم التقليدي المتحفز دائما (الزعيم)، باتت نوايا النصر واضحة، وهو يغير جلد الفريق ويتعاقد مع كوكبة من محترفين يثيرون الهلع في نفوس المنافسين، وتدفع الهلال لإحداث إجراءات احترازية تتيح له صيانة خطوط الفريق أمام منافس نصراوي يتفاخر أمام وسائل الإعلام أنه أعلى قيمة تسويقية من خصمه اللدود القابع على مرمى حجر منه في الرياض..

طبيعي جدا أن أترقب مباريات الهلال والنصر بحماس زائد لكنه تحت السيطرة حتى لا تتكرر مأساة (داحس والغبراء) في الأمتار الأخيرة من مباريات الحسم، ومع ذلك لست متأكدا من تحمل منسوب إثارة كروية سعودية لا تطاق، غير أنني على ثقة أن التنافس الملتهب بين الزعيم والعالمي سوف يجر الجماهير السعودية بمختلف ميولها إلى المدرجات، كما أن عودة (نار الغيرة) بين قطبي الكرة السعودية كفيلة بإنعاش سوق الإعلانات في الفضائيات وفي الملاعب..

ومن البوادر التي توحي أننا أمام موسم سعودي عاصف التنافس بين الهلال والنصر تحديدا، هذه الحركة المصحوبة بالبركة والتي خولت للجارين غير المتحابين (كرويا طبعا) دخول سباق معنوي لاكتساب ثقة الشارع السعودي الذي يتوزع ولاؤه بين العالمي والزعيم بدرجة تثير غيرة بورصة التنافس الشعبي بين قطبي (جدة) الاتحاد والأهلي، وكم سيكون ممتعا ونحن نترقب السباق الحارق بين الفريقين الكبيرين بعد طول غياب، اكتفى فيه النصر ببعض المناوشات الخجولة التي لم تهز شعرة واحدة في رأس أي مشجع هلالي أو تقض مضجع أي عضو شرف أزرق الهوى..

لم تعد عبارة الأب الروحي لنادي النصر الأمير عبدالرحمن بن سعود (النصر بمن حضر) ملزمة في ظل دوري المحترفين، ففي زمن أصبحت فيه المادة عصب الحياة الكروية، وفي زمن تغلفه صفقات الاحتراف توجب على النصر تعديل المسار، وفتح خزانة النادي لشراء لاعبين كبار من وزن النيجيري الأغلى سعوديا أحمد موسى والمغربي نور الدين مرابط ومواطنه عبدالرزاق حمد الله والبيروفي كريستيانو راموس والبرازيلي جوليانو دي باولا، والهدف من بلوغ النصر أعلى قيمة تسويقية منافسة الهلال وإسقاطه من برجه العالي بأي ثمن، رغم أن هذا الأخير يمتلك فريقا مرعبا لا مثيل له في الوقت الراهن بعد أن تضاعفت قوته بجلب ساحر الكرة الإماراتية عمر عبدالرحمن (عموري)..

من البديهيات التي حفظناها عن ظهر قلب عن الكرة السعودية أنها تتعافى وتتألق قاريا وعالميا عندما يكون فريقا الهلال والنصر في مرتبة واحدة وعلى مستوى فني ثابت وفي أحسن أحوالهما، وربما تكون عودة نار الغيرة بين الكبيرين وبهذه الشراسة في سوق (الميركاتو) الصيفي بشارة خير تشير الى أن المنتخب السعودي سيكون فارس نهائيات أمم آسيا القادمة بالإمارات، وهذه مجرد نبوءة من فني متفائل يحلم بأن تظل نار الغيرة دائما مستعرة بين عيني الكرة السعودية الهلال والنصر، حتى لا يخفت الضجيج ويقل منسوب الصخب في مدرجات جمهور سعودي لا يعتدل مزاجه إلا والأصفر البراق والأزرق الذواق دائما في مقدمة الموكب كل موسم ..!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى