سرقة علنية..! 

كتب- محمد العولقي 

دائما يختلف النقاد والفنيون والمحللون وحتى الجمهور بمختلف فروقاته الفردية، حول سؤال احتار في الإجابة عليه أهل (بيزنطة) منذ أن أطلق الاتحاد الدولي جائزة أفضل لاعب في العالم عام 1991.

الإنجازات أهم أم الأداء الفردي ..؟

من المفترض أن يدفعني سببان للانحياز إلى الإنجازات
الأول أن الجائزة مكافأة جماعية للاعبين دون استثناء، فالفائز بالجائزة لا يمكنه حصدها دون مساعدة جماعية من زملائه، بدليل أنهم يحتفون بزميلهم الفائز بحفاوة.

والثاني أنها جائزة تنصف الفريق أو المنتخب الذي حقق إنجازا ضخما في البطولات الكبرى، فهي بمثابة تتويج لكفاح إدارة وفرت كل سبل الراحة للاعب المتوج بالجائزة المرموقة كجزء من منظومة عمل يذوب فيها الفرد في فنجان الكل.

ويفترض أن سببا ثالثا يجعلني أنحاز هذا العام بالذات للإنجازات التي يحققها الفريق واللاعب، فنحن ببساطة نعيش عام كأس العالم، أكبر بطولة كروية على وجه القرية الإلكترونية المسماة الأرض..

والبطولة التي تعد مجدا عظيما لا يضاهيه مجد آخر في كواكب المجموعة الشمسية، من هذا المنطق أجدني متعاطفا مع النجم الفرنسي أنطوان جريزمان، متضامنا مع تصريحه الذي قال فيه : “لقد تعرضت للسرقة من كل فنيي (الفيفا)”.

يبدو جريزمان محقا في انتقاداته للاتحاد الدولي لسببين
الأول: فوزه ببطولة كأس العالم في روسيا، ثم تأثيره المباشر في هذا التتويج من خلال الأرقام،  فقد سجل 4 أهداف، وقدم 3 تمريرات حاسمة، وكان رجل فرنسا في 3 مباريات، بما فيها المباراة النهائية.

والثاني: ظالم جدا من يرفض النظر لإنجازاته مع أتلتيكو مدريد هذا العام، فقد قاده للفوز بالدوري الأوروبي على حساب مارسيليا الفرنسي في نهائي خالد كان هو نجمه الأول بتسجيله هدفين، تلا ذلك قيادته للفريق للظفر بالسوبر الأوروبي على حساب ريال مدريد المتخم بالنجوم.

حسنا، إذا كان الاتحاد الدولي في قائمته التي ضمت الثلاثي  لوكا مودريتش وكريستيانو رونالدو ومحمد صلاح قد استند في الاختيار إلى الأداء الفردي  في كأس العالم، فالعدل يقف إلى جانب مودريتش وكليان إمبابي وأدين هازارد وجريزمان.

ولو أن الاتحاد الدولي في اختياراته راعى بطولات الموسم الفائت، لما تجرأ على عدم ضم أي لاعب فرنسي متوج بكأس العالم وبطولات أوروبية أخرى من أبرزهم دون جدال جريزمان وفاران.

عندما خالف الاتحاد الأوروبي مقاييس جائزته السنوية التي تمنح على أساس دوري الأبطال بالذات، ذبح رونالدو من الوريد إلى الوريد،  لأن كل المعايير تنطبق عليه فقط، لذا لم يتورع عن توجيه انتقاد لاذع للمشرفين على الجائزة الذين خالفوا كل المعطيات بتتويج مودريتش الذي لم يكن فاعلا في دوري الأبطال ما فعله رونالدو..

لكن رونالدو في خضم أحزانه تناسى أنه سلب حق الفرنسي فرانك ريبيري في التتويج بالكرة الذهبية قبل 5 أعوام بصورة فاضحة، حين كان ريبيري محملا ب 5 بطولات كبرى، في وقت جمع رونالدو كل الأصفار مع الريال.

لن يكون (جريزمان) آخر لاعب يسلبه الفيفا حقوقه علنا، فقد سبقه إلى ذات المصير الرسام البرشلوني الساحر أندرياس أنييستا، الذي تعرض لأشهر سرقة في تاريخ الكرة الذهبية التي تناصفها الاتحاد الدولي مع مجلة فرانس فوتبول في ذلك الوقت..

اللاعب الساحر الذي قاد إسبانيا للفوز بكأس العالم في جنوب إفريقيا عام 2010 بالإضافة إلى فوزه ببطولتي إسبانيا فوجئ برجال الفيفا يهدون الكرة الذهبية للأرجنتيني ليونيل ميسي دون وجه حق..

رغم أن الأرجنتين تعرضت في ذات الكأس لمذبحة ألمانية شهيرة، وقس على ذلك ما حدث لصانع ألعاب إسبانيا وبرشلونة المتألق تشافي هيرنانديز عام 2012 من ظلم وإجحاف بلا حدود.

ما انفك الاتحاد الدولي يبهت جائزته بطريقة تثير الكثير من الشكوك حول مصداقيتها، فكل المفارقات غير المنصفة والشبهات التي تحوم حول جدواها تؤكد بالصوت والصورة أن الفيفا بل كل المعايير والمقاييس في صحن الغرابة وشرب ماءها.

أما وقد حصحص الحق وانكشفت أقنعة المتلاعبين المكيافيلية، لا يستطيع الاتحاد الدولي بعد اليوم  مصادرة الاتهامات التي تحاصر جائزته السنوية، ولا يستطيع تغطية شمس الحقيقة بغربال التصويت وخداع كل من مل من مسرحيته الهزلية..

على خلفية أن الجائزة تجارية بحته، قل منسوب مصداقيتها مع دخول الشركات الراعية التي لا تفكر إلا في التربح من شعبية نجمين أو ثلاثة، في وقت ينظر للفائز بكأس العالم نظرة دونية، طالما أن حاملها ليس رونالدو أو ميسي، ولا ينتمي بأي حال من الأحوال لمجرتي الريال و برشلونة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى