خيانة ..!

كتب- محمد العولقي 

لا بأس بعد التحية والسلام، من توجيه تهنئة ملفوفة بمشاعر التوجس والريبة لنجم وسط ريال مدريد الإسباني (لوكا مودريتش)، النجم الكرواتي المتوج أخير بالكرة الذهبية التي تمنحها سنويا المجلة الفرنسية الشهيرة (فرانس فوتبول) ..

لكن هذه التهنئة المغلفة بالروح الرياضية لا تمنعني من السباحة ضد التيار، فطالما برزت الكثير من الخفايا والأسرار التي تدين (فرانس فوتبول)، فلا مانع من إماطة اللثام عن غيض من فيض مخالفات أخلاقية جعلت الدخان الأبيض يتصاعد في فرنسا تحديدا ..

أنا ( والعياذ بالله من شر نفسي وسيئ عملي) مع الفرنسي (أنطوان جريزمان) مهاجم أتلتيكو مدريد الإسباني في الدفاع عن حقه، خصوصا إذا كان مقتنعا بأن إزاحته إلى الترتيب الثالث خلف (مودريتش ورونالدو)، تمت بحركة واحدة من ملك رقعة الشطرنج، دون مراعاة لضرورة أن يتحرك العساكر (أقصد الإعلاميين) أولا قبل إحلال العبارة الصادمة (كش ملك .. مات)، رغم أننا هنا نتحدث عن لاعب فرنسي  يسبقهما بلقب حامل كأس العالم، ناهيك عن بطولتين أوروبيتين مع الأتلتيك..

في الطعون التي برزت مؤخرا من بعض الإعلاميين الرياضيين ما يشير بالإبهام والسبابة وباقي الأصابع إلى أن الجدل حول تتويج (مودريتش)، وتجاهل أفضلية (جريزمان) بطل العالم مع فرنسا، ينطوي على أدلة دامغة تؤكد أن (فرانس فوتبول) تخلت وربما تنازلت عن الكثير من أخلاق المساواة، قبل أن تبيع مصداقيتها في أسوأ مزاد علني ..

لم يكد صوت الصحفي (لازانا ليبورد) من دولة (ترينيداد وتوباغو) يعصف بالكثير من مصداقية التصويت، حتى تصاعد دخان صوت آخر يندد بما فعلته (فرانس فوتبول) مع صحفي ليس له وجود من الأساس ..

فاجأ الصحفي الترينيدادي ( ليبورد) العالم من أدناه إلى  أقصاه، وهو يتهم الزملاء في (فرانس فوتبول) بأنهم تلاعبوا بترتيب اختياره وتصويته، مؤكدا أن ما حدث من تلاعب فضيحة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ..

ثم كانت المفاجأة التي شاب لها الجنين في بطن أمه، أن مجلة (فرانس فوتبول) تعاطت الوهم والخداع والغش بحق دولة (جزر القمر)، عندما كشفت المجلة عن تصويت الصحفي ( عبده بونه) باسم صحيفة (البلاد)  في حين أن صحيفة (البلاد) توقفت عن الصدور منذ ست سنوات كاملة، أما الفضيحة المدوية التي ألجمت فرسان (فرانس فوتبول)، فتتعلق بعدم وجود صحفي في كل (حزر القمر) يحمل اسم ( عبده بونه) ..

يقول المصور الصحفي (تيميمو عبده) لصحيفة ( موندو ديبورتيفو) الإسبانية : أنا مندهش من ورود صحيفة (البلاد) ضمن المصوتين على الكرة الذهبية، لأن صحيفة (البلاد) مغلقة من ست سنوات، وفي كل ربوع دولة (جزر القمر) لا يوجد صحفي يحمل اسم (عبده بونه) الذي ظهر من العدم في قوائم التصويت المنشورة في (فرانس فوتبول)..

أقول بحسرة، على خلفية أن (فرانس فوتبول) حولت التصويت إلى فوضى غير خلاقة : إن ما جاء من حيثياث تطعن في مصداقية المجلة الفرنسية، مؤشر خطير للغاية، وينبه حتما إلى تجاوزات مخلة بالأمانة التي اشتكت منها الجبال، قبل أن يحملها الإنسان  إنه كان ظلوما جهولا..

لا ريب أن تلك التجاوزات ليست بريئة، بدليل كثرتها وتصاعد نواح وبكاء منتسبيها على اللبن المسكوب فوق قمة برج (إيفل)، ولا شك أيضا أن كل تلك المراوغات المضللة تقف خلفها جهات تجارية نافذة، وإلا كيف للمجلة أن تفسر لنا طريقة التتويج دون ضبط بوصلة التصويت بعيدا عن التلفيق واختلاق أسماء من العدم ..؟

للأسف ما حدث من فوضى في التصويت دون وضع ضوابط ومقاييس يلتزم بها المصوتون، ليس إلا امتدادا لما عايشناه في مناسبات أخرى، حيث كان المال والنفوذ عاملين حاسمين في التتويج، الأمر الذي يؤكد أن النزاهة لم تعد إلا رابع المستحيلات إلى جوار الغول والعنقاء والخل الوفي ..

قال الفرنسي (أنطوان جريزمان) بعد خسارة الكرة الذهبية وحلوله ثالثا : “لم يعد الفوز بكأس العالم مهما للظفر بالجوائز الفردية، لقد أصبحت بطولة دوري أبطال أوروبا هي المقياس والمعيار” ..

ما لم يفهمه (جريزمان) أيضا، حقيقة واضحة لا يجب أن تغيب عن ناظريه مستقبلا، فلكي تفوز وتتوج بالكرة الذهبية عليك أولا أن تلعب لحساب ريال مدريد أو برشلونة، فالفوز بدوري الأبطال مع أتلتيكو مدريد قد لا يعني شيئا أمام لاعب ريالي أو برشلوني سجل ثلاثين هدفا في (الليجا) ..

بالصميل أو بالرضى وبالصوت والصورة والنيجاتيف أيضا، لقد سقطت مصداقية (فرانس فوتبول) في الوحل، ولم يعد بمقدور رئيس تحريرها تغطية عين الشمس بمنخل من مبررات واهية، فخيانة (أنطوان جريزمان) بطل كأس العالم بلا منازع جاءت هذه المرة من أقرب الناس إليه، وألف مليون رحمة على مبادئ وأخلاق كرة زمان التي كانت تمنح لبطل كأس العالم دون نقاش ..!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى