خايمي ماتا .. “جيمي فاردي” الإسباني

تقرير- محمد عصام

“أشكركم جميعاً على الرسائل، لكن هذا ليس أنا” كتب خوان ماتا على صفحته الرسمية عبر موقع “تويتر”، رداً على رسائل التهنئة التي تلقاها بعد إعلان منتخب إسبانيا القائمة المستدعاة لخوض مباريات تصفيات يورو 2020، فيما اعتقده البعض الاستدعاء الأول له منذ العام 2016.

إنه العقل البشري الكسول، الذي قرر وضع رابط ذهني لاسم يراه مألوفاً، ولكن في الواقع لم يكن اسم نجم مانشستر يونايتد هو المذكور، بل تنتمي هذه التهنئات لمهاجم نادي خيتافي الإسباني المتألق “خايمي ماتا”.

خايمي ماتا

الطريف في الأمر أن خوان وخايمي يتشاركان سنة ميلاد واحدة، مواليد عام 1988، ولكن تختلف مسيرة الثنائي بشكل راديكالي.

حينما لعب خوان ماتا في أكاديمية ريال مدريد بعمر الخامسة عشر، كان خايمي يخطط لحياته بعيداً عن كرة القدم. رغم نشأة خايمي في شمال مدريد، وتشجيعه للفريق الملكي، وعشقه للمهاجم البرازيلي رونالدو دا ليما، لكنه مارس اللعبة في أوقات فراغه، كملايين المراهقين حول العالم.

نتحرك بضع سنوات، حتى موسم 2008-2009، خوان ماتا نجم من الطراز الأول في فالنسيا، مسجلاً 14 هدفاً في جميع المسابقات، لعب للمنتخب الوطني، وأحد أهم المواهب الواعدة في العالم.

على الجانب الآخر، خايمي ماتا يواجه صراعاً لتجنب الهبوط في الدرجة الرابعة مع ناديه جالاكتيكو بيجاسو، ولاحقاً خرج مع لاعبي النادي في مظاهرة اعتراضاً على تأخر مستحقاتهم لشهور متتالية، في مجهودات لم تؤتِ ثماراً، حيث أعلن النادي إفلاسه، وانسحب من المشهد الكروي.

انتقل خايمي نحو رايو فاييكانو، الذي أعاره بدوره نحو سوسيولاموس ثم موستوليس، وعاد مجدداً إلى الرايو في صيف عام 2011، ليلعب مع الرديف، في سن العشرين، كعنصر الخبرة بين المواهب الصغيرة للفريق الثاني.

ثمة أمور لها قوة قوانين الفيزياء، فالحجر الذي يهوي من علٍ يسقط، واللاعب الذي ما زال في درجات الهواة بسن الواحد والعشرين لا يتوقع مسيرة كروية حافلة، وهو ما أدركه خايمي في صيف 2012، حين اتجه نحو دراسة القانون، ثم التحول لدراسة تجارة الأعمال، واضعاً كرة القدم وراء ظهره، بالتزامن مع حصد ماتا الآخر -خوان- ميدالية دوري أبطال أوروبا مع ناديه تشيلسي.

خوان ماتا

وفي تحول غير متوقع للأحداث، وصله عرض من نادي ليدا الكتالوني القابع في الدرجة الثالثة الإسبانية، بعد أن سمعوا عن قدرات خايمي التهديفية.

كان الخيار صعباً، الانتقال خارج مدريد للمرة الأولى، بعد أن أغلق هذا الفصل من حياته، وتفرغ للدراسة الجامعية، لكن كيف له أن يخدع شعوره، مازالت المستديرة تثير شغفه، لذلك وافق على عقد لمدة سنتين، وعاد ليجرب حظه مرة أخرى في المستطيل الأخضر.

“لقد كان أفضل قرار اتخذته في حياتي، على المستوى الشخصي والإذاحترافي” يقول خايمي ماتا، وبعد أن انتهت فترته مع ليدا، استمر في مغامرته بالانتقال إلى جيرونا الذي يلعب في الدرجة الثانية –حينها-، ليفوّت النادي فرصة الصعود للدرجة الأولى مرتين على التوالي.

تحرك مجدداً صوب نادي بلد الوليد في نفس الدرجة. تملكه ندم لحظي، حين تأهل جيرونا إلى الدرجة الأولى، مع تغير مركزه في ناديه الجديد، ولعبه على الطرف الأيسر، قبل أن يجلس على دكة البدلاء.

لم يدم ذلك طويلا، حيث تغير الكادر التدريبي للفريق، ليلعب خايمي أساسياً، مسجلاً 33 هدفاً، وهو رقم يحدث للمرة الأولى في دوري الدرجة الثانية الإسباني منذ عام 1987، وأضاف هدفين آخرين في دورة الترقي، ليصعد نادي بلد الوليد إلى الدوري الإسباني.

 

اتفق خايمي قبل نهاية عقده بشهور قليلة مع نادي خيتافي، لينتقل مطلع هذا الموسم.  صفقة مجانية جديدة وفرت له سبيل العودة نحو مدريد، ليلعب أول موسم في الليجا، وسرعان ما حجز مكاناً رئيسياً في الهجوم بجانب خورخي مولينا، مسجلاً 13 هدفاً وصانعاً لستة أهداف، ويحتل المركز الخامس بين هدافي الليجا، وأعلى الهدافين الإسبان، ورابع صناع اللعب، مع حجز خيتافي –حتى اللحظة- مركزاً مؤهلاً لدوري أبطال أوروبا في أكبر مفاجآت الموسم.

الخامس عشر من مارس عام 2019، سيظل هذا التاريخ محفوراً في أذهان خايمي ماتا، حين تحصل على استدعائه الأول مع المنتخب الإسباني، وفي الثالث والعشرين من نفس الشهر، سجل ظهوره الأول مع اللاروخا، ليصبح للمرة الأولى أفضل “ماتا” في إسبانيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى