لماذا يعاقب المصريون..؟

كتبت- ترياء البنا

خرج المنتخب المصري من البطولة الأفريقية التي تنظمها مصر، ليست الإشكالية في الخروج المبكر، فكرة القدم فوز وخسارة، ولكن أن تخرج مصر الأكثر حصولا على اللقب والتي كانت مهمينة على التصنيف الأول أفريقيا لسنوات طويلة بهذا الشكل المسيء في بطولة تنظمها على أرضها، من الدور الثاني فتلك هي الكارثة.

بلغة الكرة هي ليست واقعة، فالكرة تعطي لمن يعطيها وتنحني أمام من يحترمها، ولكن الإشكالية بدأت قبل البطولة، وكانت كل المقدمات تشير إلى تلك الفاجعة، التي أيقنها المصريون منذ إعلان قائمة المنتخب، كان الجميع يتوقع ذلك، بل ذهب البعض للأبعد بتوقع خروج مصر من الدور الأول.

لكن المسؤولين عن الرياضة المصرية فقط هم من لم يروا ولم يسمعوا ولم يتكلموا، وحتى النقاد الذين يقطعون الآن أوصال المنظومة الرياضية بأكملها، كانوا قبل ذلك يدينون من ينتقد الاختيارات والمدير الفني والخطط الفنية التي لم تظهر خلال أربع مباريات.

بعد الخروج المذل من البطولة خرج النقاد والمحللون ينتقدون اللاعبين وأخلاقياتهم، كما صرح نجم دفاع المنتخب السابق وائل جمعة في تغريدة بحسابه على تويتر حين قال:” قمة الفشل أن تحضر لفشل قبل بداية عملك….. عن لاعبي المنتخب الذين لا يستحقون قميص بلدنا الغالي”.

وينتقدون المدير الفني، حيث أكدوا أنه لم يرتق لقيمة المنتخب المصري، وبدوره خرج المدير الفني ليفضح المنظومة بأكملها حين صرح بأن أحد أعضاء اتحاد الكرة تقاضى 150 ألف دولار سمسمرة في التعاقد معه، وأن عقده ب118 ألف يورو كان يتقاضى فقط 50 ألفا والباقي يخصم لصالح أعضاء الاتحاد.

إنهم من كانوا يدافعون عن الاختيارات واللاعبين والمسؤولين بأن الجميع يسعى لرفع اسم مصر عاليا فلماذا وصلنا إلى تلك الدرجة المتدنية بعد التربع على عرش أفريقيا لسنوات؟.

بالطبع هناك أسباب لذلك لا يعلمها إلا المصريون فقط، أقصد الجمهور لأنه الطرف الأوحد الذي يهتم بالكرة المصرية على اعتبار أنها متنفسه الوحيد في ظل ما يعانيه من ظروف اقتصادية واجتماعية.

بداية الكارثة بالطبع هي البطولة المحلية الأولى، بطولة الدوري وهنا أتذكر مقالا للدكتور حسني نصر في هذا المنبر حين أطلق على الدوري المصري دوري مرجان أحمد مرجان، وهذا هو الوصف الدقيق لمسابقة تسيرها المصالح الشخصية والعمولات وحكام مأجورون يعلم الجميع اتجاهاتهم، وبدورهم المحللون الذين يخرجون بالتبرير بأن أخطاء التحكيم جزء من متعة كرة القدم، كيف لتلك المسابقة أن تنتج مخرجات ذات جودة وهي بكل المقاييس بطولة موجهة.

ثانيا كيف يتم اختيار العناصر التي تمثل المنتخب الوطني ومن الذي يختار؟

في مصر اتحاد الكرة هو القائم بكل شيء، هو من يختار المدير الفني والجهاز المعاون، وحتى اللاعبين، والأمرٌ في ذلك الأمر أن المصريين يعلمون جيدا قبل أية بطولة، العناصر التي سيتم اختيارها، في منظومة لا يحكمها الضمير بل تحكمها العمولة، ثم يأتي كل المتحدثين في الإعلام بنفس جملة الاتهام، مصر ليس بها 100 مليون مواطن بل 100 مليون محلل رياضي، يتهمون الجمهور بالفلسفة في الرياضة، ولكن أين ردة فعلهم بعدما صدق ال100 مليون محلل في كل ما قالوه وتوقعوه؟.

اتحاد كرة يتقدم باستقالته، ومدير فني تتم إقالته، ولاعبون يخرجون بالاعتذار عن سوء الأداء وعدم الإيفاء بالوعد بأن يسعدوا الجمهور.

ماذا جنى المصريون من ذلك؟

في البداية خيم الحزن على الجمهور بعد إعلان القائمة وكأن المصريين أحسوا بالعواقب الوخيمة، فهم فقط من يحسون بذلك، ورغم ذلك ملأ الجمهور المصري جنبات الملعب في كل مباراة، يدعمون المنتخب الذي لم يقنعهم في مباراة واحدة، وقف الجمهور خلف الفريق مساندا ومشجعا وداعيا الله بالنصر والفرحة رغم كل المعطيات.

تحملوا الاستفزاز عقب الاختيارات، ثم مشقة الذهاب للمباريات فمنهم من ترك أعماله، ومنهم من قد لا يملك ثمن التذكرة لدخول الملعب، ومع ذلك يرى أن هذا واجب وطني، وتحملوا الأداء السيئ طوال دقائق المباريات، واللحظات العصيبة مع كل هجمة للفرق المنافسة لاقتناعهم التام بهشاشة الفربق وما قد يحدث إذا هزم، فرغم كل ذلك كان المصريون يأملون أن تسير الأمور لصالح المنتخب حتى وإن كان بالدعوات.

وفي النهاية هم أيضا من عليهم ان يتحملوا الخروج المذل، فهم الذين بكوا في المدرجات وخلف الشاشات وهم من باتوا ليلتهم محزونين.

في الأخير، أصحاب المصالح قضوا مصالحهم، واللاعبون عادوا لأنديتهم، وحتى الذين استقالوا سيظهرون مرة أخرى ويعودون لأعمالهم وكأن شيئا لم يحدث، فقط المصريون من يدفع الثمن، لم ذلك؟ ولم يعاقب المصريون؟.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى