تحليل- محمد يوسف
أخيراً انتقل الفرنسي بطل العالم أنطوان جريزمان إلى برشلونة في أحد الصفقات الكبرى في موسم الانتقالات هذا الصيف، والتي تأخرت بالفعل عاماً بأكمله. كان من المفترض أن يرتدي اللاعب الفرنسي زي البلوجرانا الصيف الماضي، لكن سواء كان ذلك بسبب الأموال، أو تحقيق المزيد من الشهرة، أو ربما كان عليه أن ينتظر قليلاً ليرى مشروعاً جديداً مع دييجو سيميوني في الأتليتي، إلا أن الأمر قد تم في نهاية المطاف.
لن يكون جريزمان الأول، ومن المرجح ألا يكون الأخير، ممن ندموا على إدارة ظهورهم للفريق الكتالوني. ومع ذلك، بالنظر إلى حجم النادي وشعبيته وقوة تاريخه والأسماء التي تلعب له في الوقت الحالي، لا يعتبر انتقال جريزمان مفاجأة.
لكن ما يثير الدهشة حقاً، هو أن نادي بحجم وعراقة وتقاليد النادي الكتالوني العظيم يسمح لهؤلاء اللاعبين بالتلاعب به عاماً بعد الآخر، وهو ما أصبح واضحاً بعد شراء جريزمان هذا العام، وبالطبع قصة الفيلم المستمرة حتى الآن: عودة الابن الضال نيمار.
من ناحية أخرى، لا يتعدى الأمر كونه أكثر من تجارة وكسب المزيد من الأموال في الوقت الحاضر، أليس كذلك؟ لا مكان هنا للعواطف والمبادئ، الأوراق والنتائج هي من تحكم.
لكن إذا وضعنا البوصلة الأخلاقية جانباً لبعض الوقت، ونظرنا إلى هذه الصفقة من وجهة نظر كرة القدم، فما مدى جدواها؟
أعترف أنها صفقة هامة في الوقت الحالي على أقل تقدير؛ لكن بشرط واحد: إذا تم استخدام اللاعب الفرنسي بالطريقة المناسبة، وهو ما أخشى عدم حدوثه.
هل يتحول جريزمان إلى كوتينيو آخر؟
ماذا يعني ذلك بالضبط؟ بكلماتٍ أكثر بساطة، طالما أن جريزمان لا يتحول إلى كوتينيو آخر، فسيكون الأمر جيداً إلى حد كبير. وهو محور الخوف الرئيسي من هذه الصفقة الكبيرة، حيث أكثر ما أخشاه -ويخشاه الجميع في الواقع- هو كيف سيجد إرنستو فالفيردي طريقة لاستيعاب هذا العدد الكبير من النجوم في تشكيلة واحدة، وهل سيتمكن من الاستفادة من تألق جريزمان على أكمل وجه؟
لأنه من المؤكد لم يستطع فعل ذلك مع البرازيلي فيليب كوتينيو، مع التسليم بجانب التقصير من اللاعب نفسه، وهو ما أتى بنتائج سلبية على حساب اللاعب وعلى الفريق بأكمله.
ناهيك عن أن البرازيلي هو أكبر صفقة في تاريخ النادي، مما يجعل الأمر أسوأ بأضعاف ما هو عليه بالفعل؛ فلا يمكنك تخيل أداء أقل من المتوقع من صفقة تخطت حاجز المائة مليون يورو، ومع عدم تقديم كوتينيو وديمبلي المستوى الكروي الذي يرقى إلى مستوى أسعار كل منهما، فببساطة لا يمكن ولا يجب أن يقدم جريزمان أقل من مستواه المعهود أمام جماهير الكامب نو.
إذا تمكن جريزمان من إراحة لويس سواريز من مهامه كلاعب أساسي، فسيكون قد نجح بنسبة كبيرة؛ فمستوى سواريز في انحدار منذ أكثر من عامين، بالطبع يلعب عامل السن هنا دوراً كبيراً، بالإضافة للمهام التي لا تتناسب مع عمره إطلاقاً.
بينما الفرنسي جريزمان في قمة منحنى أدائه الكروي الآن؛ فهو لاعب متعدد الاستخدامات، ويمكنه اللعب في مواقع مختلفة على أرض الملعب. وهذا ما يمنحني بعض التفاؤل إذا ما قرر فالفيردي أن يلاعبه بطريقة ما إلى جانب سواريز وميسي، وهو ما يتوقعه الجميع على أي حال، بصرف النظر عن كيف سيفعل ذلك تحديداً!
لهذه الأسباب ولجودته المتميزة، فإن أنطوان جريزمان سيكون خياراً منطقياً لأي فريق في العالم. فنحن نتحدث عن لاعب لا يملك نقاط ضعف واضحة للحديث عنها؛ حيث أن مجهوده البدني، وإسهاماته الدفاعية، وبراعته الهجومية، وقدرته الفنية والتكتيكية، كلها تتحدث عن نفسها، ومن المحتمل أن يتكيف مع أي دور هجومي يُوكل له في برشلونة.
ولكن يبقى السؤال قائماً: هل يستطيع أن يفعل ما فشل كوتينيو في تحقيقه؟ هل يمكنه أن يصبح قائداً للفريق، في حالة غياب ليونيل ميسي، وفي محاولة الإبقاء عليه لأطول فترة ممكنة من مسيرته التي شارفت على الانتهاء؟
كيف يمكن توظيف جريزمان مع برشلونة فالفيردي؟
يكمن التحدي الذي يواجه برشلونة حالياً بعد ضم جريزمان في كيفية تأقلمه واختيار التشكيلة المناسبة مع العناصر المتوفرة حالياً في الفريق.
قد يسمح تشكيل 4-2-3-1 لميسي بالتحكم في إيقاع اللعب، بتأدية دوره كرقم عشرة خلف سواريز، مع توظيف كل من ديمبلي وجريزمان على الأطراف ودخولهم إلى العمق، مما يسمح أيضاً للظهيرين جوردي ألبا ونيلسون سيميدو بالتقدم ومساندة الهجوم.
قد يلجأ فالفيردي لهذا التشكيل في الحالات الصعبة، لكن هل يمكنك تخيل وجود هذه العناصر الأربعة في الملعب في نفس الوقت؟ بالتأكيد سيتأثر خط الوسط الدفاعي، فعند ارتداد الهجمة سيتحول الضغط كاملاً عليهم، وحتى إذا ساعد جريزمان في العودة للخلف، فلن يتمكن من تأدية هذا الدور بشكل صحيح.
إذا كنت من متابعي مباريات برشلونة خلال فترة فالفيردي، فبالتأكيد ستعرف أنه يحب تشكيل 4-4-2 بشكل خاص، وهناك احتمال كبير أن يواصل استخدامه في الموسم المقبل.
ومع بلوغ سواريز الآن 32 عاماً، يمكن تخفيف عبء تسجيل الأهداف من عليه، وإراحته عن طريق اللعب بجريزمان إلى جانب ميسي، مما يعطي لفالفيردي بديلاً قوياً على الدكة، خاصةً في مباريات دوري أبطال أوروبا.
لكن تكمن مشكلتها الأساسية في عدم لعب جريزمان كرقم تسعة صريح مع الأتليتي من قبل، حيث أنه كان يلعب في نفس المكان الذي يلعب به ميسي الآن. لكن أعتقد مع قدرته على التأقلم، ستكون هذه التشكيلة هي الأكثر توازناً. كما يمكن إراحة ميسي أيضاً في بعض مباريات الدوري، ليلعب سواريز أمام جريزمان.
وقد يعتمد فالفيردي تشكيلة 4-3-3، بتواجد جريزمان على اليمين وديمبيلي أو كوتينيو على اليسار، وميسي في العمق، مع إمكانية تبادل المراكز بين ميسي وجريزمان كرقم تسعة وهمي، حيث يمكن لأي منهما أن يسقط في العمق ويوفر التمريرات القطرية للظهيرين المتقدمين.
مع ثلاثي وسط مكون من آرتور ودي يونج وبوسكيتس، مما يمنح الفريق ثبات وتوازن جيد بين الهجوم والدفاع.
بالطبع سيتوقف الأمر على اختيارات فالفيردي في النهاية، والذي يمكنه أن يفاجئنا بتشكيل جديد تماماً، لا يتضمن أي صفقة من الصفقات الكبيرة التي قام بها برشلونة هذا الموسم من الأساس. فكل شيء وارد الحدوث!