ميرسي أومتيتي ..!

كتب: محمد العولقي

حاجة غريبة .. جملة قالها الفنان عبدالحليم حافظ للفنانة شادية في فيلم معبودة الجماهير، نفس الجملة بتركيبتها الميلو درامية تنطبق على صامويل أومتيتي مدافع منتخب فرنسا وبرشلونة الإسباني.

وضع صامويل أومتيتي نفسه العام الفارط بين خيارين أحلاهما المشاركة في بطولة كأس العالم بروسيا، وأمرها الاعتذار عن عدم المشاركة المونديالية لينعم بحياة أطول في ملاعب كرة القدم، تماشيا مع الإصابة التي تسكن ركبته.

الفرنسي أومتيتي حسم الجدل مبكرا حين اختار اللعب في بطولة كأس العالم والتتويج بها على حساب التضحية بمسيرته الكروية، وهو في عنفوان الشباب.

عاني أومتيتي من إصابة مؤثرة في ركبته كانت تستوجب خضوعه لعملية دقيقة، لكنه استجاب لنداء القلب والعاطفة معا، حين ضحى بصحته وسلامة ركبته مقابل التتويج ببطولة كأس العالم رفقة الديوك الفرنسية، التي صاحت في روسيا حتى أسمعت من به صمم..

يقول أومتيتي عن هذا الاختيار الذي قد يودي بمسيرته الكروية مبكرا : “في كأس العالم أجبرت نفسي على اللعب رغم إصابة ركبتي، الآن أنا بطل العالم، ولست نادما على هذا القرار، في الحياة عليك أن تتخذ القرارات بسرعة، وقرار مشاركتي مع المنتخب الفرنسي كان خياري وحدي، ولا أشعر بالأسف لهذا الخيار”.

والآن وبعد أن ذاق أومتيتي عنب كأس العالم مع المنتحب الفرنسي، حري به أن يتعامل مع الجانب المظلم من ذلك التتويج، ليس لأنه يدفع ثمن خسارته لمركزه في الدفاع مع برشلونة لحساب بلدياته كليمنت لانجليت فقط، ولكن لأن كل الفحوصات والكشوفات الطبية تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن إصابة أومتيتي في الركبة من النوع المزمن.

وعندما نقول إن الإصابة من النوع المزمن، فهذا يعني بالضرورة أن حياته الكروية دخلت بالفعل النفق المظلم، وليس أمام أومتيتي وهو يشاهد هذا الفيلم التراجيدي إلا أن يقر أنه يعيش بالفعل أنفاسه الأخيرة مع برشلونة الإسباني.

ربما كان الاقتناع السائد أن الاحتراف قد شفر المشاعر والتضحيات، وجعل من لاعب كرة القدم في دنيا (البيزنس) مجرد (روبوت) طماع مبرمج على المكسب المالي دون مشاعر، لكن والحمد لله أن لاعبا كبيرا مثل الفرنسي أومتيتي أعادنا إلى رومانسيات زمان، حيث الولاء يستوجب التضحية للبلد بكل ما هو غال ونفيس، حتى لو كان الغالي والنفيس يتعلق بصحة ومشوار اللاعب في ملاعب الجلد المنفوخ.

حقيقة، سيدفع صامويل أومتيتي حياته الكروية في سبيل النفخ من قربة الولاء الوطني، فيكفي أن نشير إلى أن الفرنسي سيخسر تسعة ملايين يورو سنويا يتسلمها على داير يورو من برشلونة الإسباني.

لكن كل هذه المكاسب والمغانم المالية الضخمة تبخرت أمام وطنية أومتيتي، المدافع الدولي الذي قدم حياته الكروية على طبق من ذهب مقابل اللعب والفوز بكأس العالم لمصلحة منتخب بلاده.

من فضلكم يا قراء (توووفه) الغراء ابعثوا ببرقيات الدعم و المساندة لهذا المدافع الأسمر الذي كان علامة فارقة مع المنتخب الفرنسي في بطولة كأس العالم، من فضلكم انفخوا في معنوياته لأنه أعادنا إلى زمن الولاء الوطني، الذي بات اليوم يباع في ملاعب الاحتراف برخص التراب.

دعونا نرفع كل القبعات بمختلف ألوانها وجنسياتها، ونشارك أومتيتي محنته الغريبة، ومعاناته مع الألم المزمن، دعونا نلف كل تلك المشاعر لتنفجر بريديا في صورة زغرودة حافلة بكل تجليات جملة ( ميرسي أومتيتي) ..!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى