عمالقة الليجا في الميركاتو…من قام حقاً بالثورة؟ (3)

تقرير- محمد عصام

المرشح الثائر الأخير هو “أتلتيكو مدريد”، النادِ الذي فرض نفسه طرفاً ثالثاً للكرة الإسبانية في السنوات الآخيرة، يعبث قدر المستطاع في موازين سطوة برشلونة وريال مدريد.

هناك ثائر لا غبار عليه يجلس خلف عجلة قيادة الفريق؛ الأرجنتيني “دييجو سيميوني” الذي يبدو كمواطنه تشي جيفارا؛ رجل على مشارف الخمسين من عمره وكباقي الثوريين فهو من النوع الذي لا يعكس السن.

ولكن مؤخراً، وصل “التشولو” مع مجموعته إلى قمة الهرم الكروي، صال وجال في جميع البطولات المتاحة؛ فحقق ما طالته يداه، واستعصت عليه واحدة حتى تحولت إلى عقدة حقيقية.

يبدو الأتلتي في حالة من الرتابة، وسيميوني ذاته دخل في دائرة التكرار، ليصاب الفريق بجرثومة التشبع، ويصبح عاجزاً عن استيلاد الأفكار، مهما تعاقد مع أسماء لتقوية صفوفه، ورفع جودة الخطوط؛ لم يعد هناك رحم من الأساس.

لم يشهد فريق في أوروبا مثل هذا التبدل في الوجوه كما حدث في الأتلتي؛ فخرج كل من “دييجو جودين”، و”فيلبي لويس”، و”خوانفران” مع أطيب تمنيات الجماهير القلبية بالتوفيق في مغامراتهم الجديدة؛ عطفاً على ما قدمه هذا الجند الوفي للفريق على مدار الأعوام الماضية.

كما انتقل الشاب “لوكاس هيرنانديز” -حامل لقب المونديال- صوب “بايرن ميونيخ” في صفقة قُدرت بثمانين مليون يورو؛ وهذا الرباعي السابق ذكره كان صالحاً لأن يكون خط الدفاع الأساسي حتى آخر لحظة في مسيرتهم مع الفريق.

وكأن فَقد خط دفاعي كامل لم يكن كافياً؛ جاءت الضربات متتالية حين لم يقدر أتلتيكو على الوقوف أمام كسر عقد كل من “رودري”، و”أنطوان جريزمان” حيث لا وزن لموقف النادي في هذه الحالات.

أزمة حقيقية واجهها أتلتيكو مدريد، ولكن ربما هذا هو ما كان يريده التشولو؛ بل يحتاجه.

العودة من حيث بدأ، بمجموعة من الأسماء المغمورة، والأحلام التي تسع الكون بأكمله. فريق جديد بطموح جديد، هذا ما يبحث عنه “سيميوني”؛ أو بمعنى أدق مجبر عليه حالياً؛ الظروف تعيد صناعته كما تصنع الكلاب بطلاً في العدو.

بناء جدار دفاعي جديد بالكامل، بالتعاقد مع قلبي دفاع “ماريو هيرموسو” من إسبانيول، وعنصر الخبرة “فيليبي” قادماً من “بورتو”. وفي مجال الظهير الأيسر، ذهب أتلتيكو لبلاد ظهيرهم السابق “فيلبي لويس” لجلب مواطنه الشاب “لودوي” من نادي “أتلتيكو بارانينسي” البرازيلي؛ واللبنة الآخيرة كانت ظهير توتنهام الأيمن “كيران تربييه” لتجربة إنجليزية جديدة نادرة في الليجا.

وفي وسط الفريق، مع انفتاح باب التواصل مع “بورتو” بعد صفقة “فيليبي”، تلاه المكسيكي “هيكتور هيريرا”؛ وأنهى الأتلتي إشاعة بند منع التعامل مع ريال مدريد بالتوقيع مباشرة مع “ماركوس يورينتي” من صفوف الميرنجي.

وبين المرتحلين، هناك اسم واحد يترك فراغاً عميقاً في نسيج الفريق؛ الأنيق “أنطوان جريزمان” نجم الفريق، ومهاجم الكل في الكل.

جواو فيليكس.. أضواء الشهرة قبل العشرين

لذلك حاولت إدارة النادي تعويضه بمزيج من الحلول، الأول تمثل في جوهرة البرتغال القادمة “جواو فيليكس”؛ صاحب التسعة عشر عاماً الذي أنفق الأتلتي مبلغاً فلكياً لكسر عقده مع “بنفيكا”؛ قيمة جنونية أخرى تنضم إلى سعار الميركاتو مؤخراً.

لكن أن تضع هذا الثقل بأكمله على عاتق مراهق هو الظلم بعينه؛ لذلك سعت إدارة أتلتيكو نحو إتمام صفقة “خاميس رودريجيز” من “ريال مدريد”، وبعد فشل المفاوضات، اتجهت نحو “رودريجو مورينو” نجم فالنسيا، قبل أن تتعقد الأمور المادية لتتوقف هذه الصفقة أيضاً.

إنها ثورة “إجبارية” حدثت في أتلتيكو مدريد، ورغم احتلال الفريق للمركز الأول بعد مرور ثلاث جولات بسجل كامل من النقاط؛ فقد سدد 17 تسديدة..كلا، ليس في المباراة الواحدة بل في الثلاث مبارايات مجتمعة، دليل على افتقاد بعض الزخم الهجومي من آثار غياب جريزمان الغير معتاد بعد.

“متوسط تسديدات فرق الليجا موسم 2019-2020”

لقد انتهى عصر صراع ميسي ورونالدو، وشئنا أم أبينا فعصر ميسي وحده يوشك على النهاية، والعالم الجديد في الليجا حالياً مفتوح على كل الاحتمالات.

قوانين هذا العالم ستتحدد بمدى قدرة “زيدان” على ملائمة أجزاء فريقه سوياً، وتكيّف صفقات “برشلونة” المناسبة للفريق مع أجواء غير مثالية على الإطلاق، وقدرة “سيميوني” على الاستفادة من هذا الأتلتي بحلته الجديدة، الذي يعيده إلى ذكريات الشباب، وبدايات المحبة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى