يوفنتوس والحلقة الجهنمية..!

كتب- حمد العولقي

بات خروج يوفنتوس الإيطالي من دوري أبطال أوروبا عادة أصيلة بلغت مرحلة الإدمان، وبات اليوفي يستنسخ ردة الفعل مع كل خيبة، فليس هناك أفضل من تقديم المدرب ككبش فداء يمتص صدمة جماهير البيانكونيري.. وعندما أبرم مسيرو النادي عقدا خاطفا وسريعا بتعيين الشاب أندريا بيرلو مدربا للسيدة العجوز بعد أقل من أربع ساعات على الخروج مدحورا من ثمن النهائي أمام ليون الفرنسي، كانت إدارة اليوفنتوس تتعاطى مع العادة المسجلة في الشهر العقاري باسم البيانكونيري..

دأبت الإدارة التي يتحكم في خيوطها اللهو الخفي ( لوشيانو موجي) بطل فضيحة التلاعب بمباريات الكالشيو قبل 14 عاما، على تعليق كل الإخفاقات على شماعة المدربين، فساري لن يكون الأول ولا الأخير الذي يقال من منصبه دون أن يدري، فحتى ما بعد الخروج لم يبلغ ساري بالأمر، لكنه تفاجأ بإقالته وتعيين بيرلو من صحيفة لاجازا ديلوسبورت ذائعة الصيت والمناصرة لليوفي في السراء والضراء..

لماذا لم يسأل رئيس نادي يوفنتوس (كوبولي جيلي) ولو بينه وبين نفسه طالما يخشى مافيا (موجي) .. لماذا يستنسخ فريقه الخروج مع كل مدرب وبسيناريو يكاد يكون طبق الأصل للماضي القريب ..؟، لماذا لا تكمن الأسباب في العمق الإداري، حيث تتحكم خيوط (موجي) وحاشيته الفاسدة بكل شيء من الإبرة إلى الصاروخ ..؟.

أتذكر أن الفرنسي ديديه ديشامب جوزي بجزاء سنمار، عندما قاد عودة اليوفي من الدرجة الثانية إلى الأولى في ظروف بالغة الصعوبة والتعقيد، ولأنه كان يمسك بكل الخيوط الفنية بعد فضيحة تهبيط اليوفي بفرمان قضائي تدخلت مافيا (موجي) من خلف الستار، فعصفت به، ثم دفعته للاستقالة مجبرا لا بطل..، و (موجي) هذا منذ أن قذفت به رياح فضيحة التلاعب بالمباريات خارج صحن الملاعب وهو يثير في إيطاليا كل غبار المتاعب، فهو يمارس دور الوصي والقائد الخفي لكل صفقات يوفنتوس، ويحشر أنفه الأفطس في كل صغيرة وكبيرة، حتى أن رئيس النادي (كوبولي جيلي) يطلب الإذن من (موجي) عندما يتنفس الهواء ..

ومنذ أن حل هذا الرجل سيئ السمعة ضيفا ثقيلا على إدارة يوفنتوس، وهو يقود أعماله القذرة بصحبة فريق من الأشرار والشياطين، حتى أنه في خضم سطوته رسخ ثقافة التعاقد مع اللاعبين دون استشارة فنية من المدربين، و الأهم أنه يبيع ويشتري في إيطاليا دون أن يجد من يوقفه عند حده، وحده هنا إما سجن سيبيريا الرهيب أو سجن جوانتنامو المعيب، وهو بمواهب التلاعب والفذلكة تتوارى أمامه مواهب مرجان أحمد مرجان خجلا وكسوفا ..، إذا كانت مصيبة الخروج من دوري الأبطال قد وقعت على رأس المدرب ساري وحده، فإن (موجي) سيجني الكثير من الفوائد وهو يدير النادي في الخفاء، فيما سيلعب المدرب الجديد بيرلو دور العزول، وهو خير من يعرف خفايا وأسرار الحلقة الجهنمية التي تتحكم في حاضر ومستقبل يوفنتوس فنيا وإداريا ..

لست هنا بصدد الدفاع عن ساري، لأنني مثل غيري لا أرى فيه المدرب الكفء الذي يستطيع تحقيق حلم اليوفي أوروبيا بالنظر إلى فلسفته الضبابية ونهجه القاتم الذي يخلو من أية متعة ولو عابرة، لكن اختزال مأساة اليوفي أوروبيا في ساري وحده، كمعاقبة البردعة وتدليل الحمار، و ما أكثر الحمير الذين يديرون السيدة العجوز من خلف الستار ..، عانى يوفنتوس موسما متذبذبا محليا في عهد ساري، ومن حسن حظه أنه بلا منافس قوي يزاحمه في الدوري الإيطالي، لهذا كانت عيوب منافسيه المتواضعين سترا وغطاء على عيوبه الفنية التكتيكية..

لم يستطع ساري خلق توليفة يتناغم فيها الأداء الجماعي مع الانسجام الفني للاعبين، من هنا كانت فرديات لاعبين مثل كريستيانو رونالدو وباولو ديبالا وبيانيتش هي من تصنع الفارق أمام فرق إيطالية بلا رغبة في مقارعة اليوفي أو حتى إزعاجه..،ومن يتأمل في خطوط اليوفي سيكتشف أنها متباعدة بلا وثاق تكتيكي واضح وبلا رباط فني يؤجج حماس اللاعبين جماعيا، وهذه مسؤولية ساري ولا شك، لكن أين نصيب الجانب الإداري من الإخفاق الأوروبي الجديد ..؟.

اللجنة الفنية التي تتابع عطاء الفريق كانت مثل شيطان أخرس، فقد جلست تتفرج على الطريقة غير المجدية التي ينتهجها ساري، مجرد عرضيات بالونية تنطلق من الرواقين دون جدوى، وإذا كان رونالدو قد أخذ بيد السيدة العجوز في بعض المباربات الأوروبية، إلا أن خطواتها المترنحة على أكثر من جبهة خلفت هوة عميقة بين نهج ساري العقيم وفنيات لاعبين لم يصلهم الدعم الكافي من خط الوسط..

رحل ساري مرغما غير مأسوف عليه، وعلى الباغي تدور الدوائر، فدائرة (موجي) الجهنمية ستهنأ بامتصاص غضب الجماهير، ثم سيتكرر نفس الأمر الموسم القادم مع بيرلو، ولن تتوقف حلقة (موجي) الجهنمية عن الدوران ..!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى