كتبت- ترياء البنا
صادف أمس 21 مارس، ذكرى ميلاد الساحر رونالدينيو( 21 مارس 1980)، وحينما ننطق حروف الاسم فبلا أدنى شك تتصور أمام مخيلتنا تلك اللمسات الساحرة والمهارات الفائقة في المراوغة وسرعة البديهة، فهو الذي يتعامل مع الكرة بطريقة غريبة جدا تدهش المتابعين، إنه اللاعب الوحيد الذي تتابعه دون أن تفكر في أهمية اللقاء أو النقاط الثلاث، حين تشاهد رونالدينيو مع الكرة لا يسعك أن تفكر في شيء آخر سوى الاستمتاع بحواره معها، والسيمفونية التي يعزفها مع كل خطوة أو تمريرة، إنه اللاعب الذي استعصت مراقبته على أي مدافع دون فلسفة أو تعقيد، فهو يمر من المدافعين بسلاسة ومرونة لم نشاهدها في لاعب آخر، إنه الذي لا يشبهه أحد، ومن منا لا يتمنى أن يحصل رونالدينيو على ركلة حرة، لنجلس ونراقب دون رمشة عين كيف يسجلها الساحر.
رونالدو الصغير، تلك الظاهرة الفريدة، لم يولد وفي فمه ملعقة من ذهب، فقد ولد في بيئة فقيرة لأم تعمل مندوب مبيعات، حين أرادت أن تحسن وضعها درست لتصبح ممرضة، وأب يعمل في بناء السفن، ولكنه يلعب الكرة مع نادي كروزيرو، ولكنه كان دائما ملفتا للانتباه بمهاراته الرائعة، حين كان اسمه رونالدو، ولكن الجميع أطلق عليه رونالدينيو، والتي تعني رونالدو الصغير، فقد كان دائما الأصغر وسط من يلعب إلى جوارهم، حتى مع المنتخبات السنية، التي لعب لها جميعا.
بزغ نجم الساحر أولا في سماء قاهرة المعز لدين الله الفاطمي، خلال بطولة كأس العالم للشباب 1997، ولم تبخل عليه كرة القدم بشيء، كما لم يبخل هو علينا بشيء من مهاراتها، فتهافتت عليه الأندية الكبرى، ولعب بكل البطولات( كأس العالم، كأس القارات، الألعاب الأولمبية، سود أمريكانا، ليبرتادوريس)، كما حقق كل الألقاب.
لعب الساحر لعديد الأندية بدءا من جريميو، باريس سان جيرمان، برشلونة( الذي حقق معه الإنجازات والجوائز الفردية)، ميلان، فلامينجو، أتليتكو منييرو، كويريتارو، وفلومينينسي.
ولعل الفترة الذهبية للظاهرة هي سنوات لعبه للبارسا، والذي جاء انتقاله إليه كتعويض من الإدارة عن الفشل في ضم النجم ديفيد بيكهام لصالح ريال مدريد، ليحقق معه الدوري الإسباني لخمسة مواسم متتالية منذ موسم 2003/2004، وحتى 2007/2008، كما حصل على أفضل لاعب في العالم لموسمين متتاليين 2004/2005، و2005/2006، متفوقا في ذلك الوقت على فرانك لامبارد، وصامويل إيتو، كما حل ثالثا في الموسم التالي خلف كانافارو وزيدان، وانضم أيضا لتشكيلة العام لثلاث سنوات متتالية، وحقق الكرة الذهبية والحذاء الذهبي بكأس القارات، وأفضل مهاجم لأبطال أوروبا، وكان ضمن فريق دوري أوروبا لثلاثة مواسم، وفريق نجوم العالم لثلاثة مواسم أيضا، جائزة دون بالون للدوري الإسباني، جائزة إفي، وجائزة أفضل لاعب في فريقه بدوري الأبطال.
رونالدينيو هو اللاعب الذي لم ولن يختلف عليه اثنان، من منا ينسى كلمات الأساطير عنه، فقال يوهان كرويف إنه أسطورة بمعنى الكلمة، ووصفه ميسي باللاعب الخيالي، كما صرح الجوهرة السوداء بيليه بأنه اللاعب الذي يذكره بنفسه، وفي تصريح لزيكو قال:” في كل حياتي التي أمضيتها بالملاعب، لم أسجل هدفا كالذي سجله رونالدينيو أمام فنزويلا في كوبا أمريكا 1999، ولعل التصريح الأبرز كان للأسطورة مارادونا، حين قال:” إنه اللاعب الوحيد الذي أدفع ثمن تذكرة لمشاهدته في الملعب”.
باختصار، رونالدينيو هو اللاعب الذي منح كرة القدم مفهوما مختلفا، إنه رونالدينيو ورونالدينيو فقط الذي زرع السعادة في قلوب كل من شاهده، صاحب الابتسامة التي لايستطيع مهتم بكرة القدم أن ينساها.