ديربي القاهرة.. لم يرسب أحد

كتبت- ترياء البنا

جاءت القمة 122 بين الأهلي والزمالك بنكهة رمضانية، فأبت أن تنصف أيا من أطرافها على حساب الآخرين، مقررة أن تبتسم للجميع.

بداية، أنصفت المواجهة الطرف الأبرز، وصاحب التحدي الأكبر، وهو التحكيم المحلي لمواجهات القمة، حيث نجح الحكم المصري أمين عمر ومساعداه في العبور باللقاء إلى بر الأمان رغم علامات الاستفهام الكثيرة على التحكيم في المسابقة المحلية والاتهامات التي يواجهها، ولعل السبب في ذلك أن المواجهة لم تكن حاسمة في تحديد البطل، وأنها فقط على صراع الصدارة في جدول الترتيب الذي يتقدمه الزمالك مع تأخر الأهلي عنه بلقاءين، كما أن اللقاء كان من المواجهات النادرة التي خلت من أي شيء إلا كرة القدم، فلاعبو الفريقين كانوا في شدة التركيز مع الكرة والالتزام بتعليمات المديرين الفنيين، فلم تظهر مشكلات تحكيمية ولم يتعرض أمين عمر لاختبار صعب، ولولا بعض الأخطاء البسيطة للصافرة والتي مرت بسلام لكان الحكم تفوق على نفسه، ولا نغفل دور المساعدين اللذين تألقا، خاصة في هدف الأهلي الذي ضرب به مصيدة التسلل التي لعب عليها الزمالك، ليبتسم الحظ أخيرا للحكم المصري في الديربي الأصعب.

كما ابتسمت المواجهة أيضا للأهلي لصاحب الأرض ومديره الفني بيتسو موسيماني والذي احترم الزمالك داخل الملعب، خاصة بعد القمة الماضية، والتي لم يمض عليها سوى أيام قليلة وهرب الأهلي بنقاطها الثلاث رغم المستوى المتميز للفارس الأبيض الذي سيطر على الشوط الثاني كاملا، ولكن الحظ عانده، حتى أنه أهدر ركلة الجزاء التي كانت ستعيده للقاء، تعرض بعدها الأحمر لسقطات ثلاث، بهزيمتين أمام سموحة وغزل المحلة، وتعادل أمام الجونة، في الوقت الذي انتفض فيه لاعبو الزمالك محققين الفوز تلو الآخر عقب هزيمة القمة، وبأداء جيد جدا رغم ضغط المباريات، ولم يفقد الزمالك سوى نقطتين بتعادل غير عادل أمام بيراميدز، عمل الأهلي وموسيماني للزمالك ألف حساب، بعد قراءة جيدة للأبيض الذي يمتلك أفضل لاعبي الدوري المصري على الإطلاق، فاختار تأمين دفاعاته المهترئة خلال اللقاءات الماضية، وألزم لاعبيه بعمل بلوكات(بلغة كرة اليد)، على رباعي الهجوم الأبيض، ولعب على الهجمة المرتدة، مستغلا تقدم قلبي دفاع الزمالك محمود حمدي ومحمود علاء للهجوم، وتفوق موسيماني للمرة الثانية حين قرر أن يضم الطرفان إلى عمق الملعب أثناء الاستحواذ، وهو ما ظهر جليا في الهدف الذي أحرزه البديل صلاح محسن في وقت قاتل يسبق الصافرة بأقل من ثلث ساعة، ليبتسم الحظ للأهلي رغم تفوق الزمالك.

كما أن اللقاء لم يدر ظهره للزمالك ومديره الفني باتريس كارتيرون والذي دخل اللقاء مراهنا على الهجوم الضاغط، ومهارة لاعبيه، ونجح الفرنسي في فرض سيطرته على معظم دقائق المباراة، وأهدر لاعبوه عديد الفرص السهلة، لكن رغم ذلك ظل كارتيرون ردا للفعل، فلم يعالج أخطاءه إلا متأخرا، الخطأ هنا لا أعني به تكتيكيا، فالرجل يتميز بالتكتيك العالي، وهو قارئ جيد للقاءات وهذا السبب الأبرز لسيطرة الزمالك على الشوط الثاني في كل مواجهاته، ولكنه تأخر كثيرا في تغيير الأدوات، حيث إنه فقد الكثير من فرص التقدم بسبب الاعتماد على الجبهة اليسرى المزدحمة، ما أفقد أشرف بن شرقي( العنصر الأمامي الأهم)، خطورته حيث كان يضطر للنزول إلى العمق للاستلام، وفي بعض الأحيان نراه مدافعا، لينجح الفرنسي أخيرا في التفكير بالجبهة اليمنى والتي لاحت منها هجمات كثيرة، لكنها لم تستثمر، فأدخل حازم إمام الذي يتميز بالسرعة ومهارة التمرير اللتين افتقدهما الزمالك باللقاء، إلى جوار زيزو الخطير والأفضل بين لاعبي الفارس الأبيض في الشوط الثاني، ونجح الزمالك في العودة للقاء بهدف للمايسترو فرجاني ساسي في الدقيقة 80.

شخصيا، أعتبر هذا الهدف مكافأة لأهم لاعبي الوسط بالقارة الأفريقية، خاصة أنه لم يغب عن أية مواجهة للزمالك رغم ضغط المباريات ورغم الظروف الصعبة التي يمر بها الفريق، والتي يتحملها فرجاني وكأنه ولد بميت عقبة، كما أن فرجاني هو حجر الأساس في لقاءات الفريق، فهو الموجه للعب سواء هجوميا أو دفاعيا، فلا تمر كرة للأمام إلا بعد أن تلمس قدمي فرجاني الذي يعتبر من أفضل لاعبي أفريقيا قراءة للملعب، كما أنه أيضا الموجه للاعبي الدفاع، فكثيرا ما شاهدناه يقف أمام منطقة الجزاء موجها المدافعين لكيفية تحركاتهم، وزاد من قيمة الهدف روعته وجماله في الاستلام والتسديد، ليرضي جماهير القلعة البيضاء بالنتيجة، رغم أنها تراها غير عادلة لتفوق الأبيض الواضح خلال اللقاء، ولكني أراها جيدة، بالنظر إلى لقاءات عديدة في القمة سيطر عليها الزمالك ونجح الأهلي رغم ذلك في خطف نقاطها.

في النهاية، جاءت القمة عادلة، وأنصفت الجميع، الحكم والمديرين الفنيين والفريقين، لتمر بردا وسلاما على الجميع، وتأبى أن تحزن أحدا قبيل عيد الفطر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى