بطولة عصية على الانكسار

كتب: سالم ربيع الغيلاني

وكأن شيئا لم يحدث؛ وكأن المخاض العسير الذي خاضه اتحاد كأس الخليج لخروج بطولة خليجي 24 لم يكن سوى مجرد كابوس أو أضغاث أحلام؛ فهذه البطولة تثبت يوما بعد آخر أنها عصية على الانكسار، وأنها وجدت لكي تبقى ما بقي في القلوب ذرة ود..

ففي هذه الأيام العصيبة التي تطحن برحاها العديد من الثوابت القيمية التي بُنيت بلبناتها العلاقات التي تجمع منظومة مجلس التعاون والعراق واليمن؛ تثبت هذه البطولة عمق الفكرة التي انطلقت من عقول كانت تملك أرواحا متبصرة وقلوب محبة.

قبل ما يقارب من 50 عاما انطلقت البطولة بعد أن تُرجمت فكرة الراحل الملك فيصل بن عبدالعزيز -طيب الله ثراه- إلى واقع ملموس ما زلنا نعيش على وقعه حتى يومنا هذا.

وفي ظل ما جرى ويجري أكدت البطولة أنها ليست مجرد بطولة شيوخ أو استعراض إعلامي كما يحلو للبعض وصفها، بل هي أمر أكبر من ذلك بكثير، ولها أدوار تتجاوز حدود مستطيل مستديرة الركل وهز الشباك، وكما لمت شمل الخليجيين كلهم في الكويت ها هي تنجح مرة أخرى وتجمعهم في الدوحة.

لم يكن لهذا التجمع البهيج أن يتحقق متخطيًا بذلك فكرة إقامة بطولة منقوصة بنظام قديم تم تجاوزه منذ ما يزيد على عقد من الزمان لولا الرغبة الصادقة لرئيس اتحاد كأس الخليج العربي لكرة القدم الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في تنظيم بطولة مكتملة تضم جميع الأشقاء؛ وهو الأمر الذي جعله يمنح نائبه الدكتور جاسم الشكيلي الضوء الأخضر لعمل ما يلزم لضمان تنظيم بطولة تضم منتخبات الخليج جميعها، وهو ما عمل عليه الرجل منذ توليه مهام منصبه لكن الرياح لم تجر في البداية كما تشتهيه السفن رغم الجهد الذي تم بذله.

أجريت القرعة بمشاركة خمسة منتخبات بعد تأكيد غياب منتخبات السعودية والإمارات والبحرين؛ ليتيقن الجميع أننا أمام بطولة خماسية بنظام قديم، لكن الشكيلي الذي لم يفقد الأمل في إمكانية مشاركة بقية الأشقاء فتح قناة للتواصل مع الجانب السعودي، الذين كانوا أكثر استعدادا هذه المرة لتجاوز كافة العوائق التي كانت تحول بينهم وبين مشاركتهم؛ إذا أبدوا استعدادا غير مشروط للمشاركة في البطولة التي أوجدوا فكرتهم وحافظوا على استمرارها مع بقية أشقائهم طوال العقود الماضية..

لتتسارع الأحداث بعدها؛ إذ أسهمت مشاركة السعودية في تشجيع اتحادي الإمارات والبحرين اللذين تلقيا خطابين مشابهين لذلك الذي تلقاه نظيرهما السعودي على الموافقة على المشاركة ليؤكدا بدورهما حرصهما على هذه اللحمة الخليجية.

وها نحن على بعد ساعات من انطلاق المحفل الخليجي، الذي نأمل أن يكون رفيقه التميز؛ وأن تتكلل مساعي جميع من وصلوا ليلهم بنهارهم من أجل تنظيم بطولة مميزة بالنجاح والتوفيق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى