كتب: محمد العولقي
التلال العدني .. النادي الأقدم في الجزيرة و الخليج.. أمواجه هذه الأيام مضطربة وعاتية .. تثور وتزمجر وتهدد بصناعة طوفان تسونامي لا يبقي ولا يذر ..
التلال .. شعبية جماهيرية كاسحة .. وديعة أحيانا .. لكنها عند الاستفزاز شرسة يصعب ترويضها في الأزمات ..
من ينظر إلى لوحة التلال التي رسمها سياسيون يرون في السيطرة على أمواج البحر الأحمر سدا يمنع الطوفان .. سيكشف عن أزمة حقيقية في العمق التلالي .. أزمة تعبث بهوية التلال من زمان ..
لا أحد بوسعه تفسير ابتسامة التلال الغامضة غموض ابتسامة الموناليزا سوى التلاليين الحقيقيين الذين يصنعون اليوم طوفان التغيير ..
سنوات طويلة هي بعمر أكبر وزير في حكومة معين عبدالملك و السياسيون يغتصبون مشاعر جماهير التلال .. عبثوا بهوية الانتماء .. و صنفوا الوطنية على ما يشتهي الوزان .. وباعوا تاريخه في أسوأ مزاد ..
يخشون أمواج التلال .. يخافون من عمقه الوطني .. و يرتعدون من هويته الوطنية .. لهذا ظل السياسيون أوصياء على التلال .. لسبب بسيط مسلم به : من يحكم التلال .. يحكم الجنوب كاملا .. ومن يبسط نفوذه على التلال .. يسيطر على تراب مساحة جغرافية تتجاوز 550 ألف كيلو مترا مربعا ..
لم يكن لجماهير نادي التلال شأن يأوي ناديهم .. كانت الدسائس السياسية طاغية دائما على زمجرة قلعة صيرة .. من يحرك العمق هو من يتحكم في ردة فعل الطوفان .. ومن يقبض على العمق يغلق فوهة بركان كريتر ..
هذه الأيام الكبيسة.. انتفضت أمواج التلال بعد أن هرب السياسيون من النادي .. أو أنهم أيقنوا أن التلال لم يعد ورقة سياسية رابحة تدفع بالتمسك بالهوية الحزبية ..
تحولت جماهير التلال بعد أن أشهر السياسيون إفلاسهم الحزبي إلى جحافل بشرية تغلي على موقد يفيض بالغضب و الزمجرة .. لكن هل هذه الجحافل التلالية قادرة على تحريك العمق.. أو السيطرة عليه بعيدا عن إملاءات ما وراء الحدود ..؟
هذا هو السؤال الذي ستضع إجابته التلال على مفترق طريقين لا ثالث لهما : إما إلغاء الوصاية السياسية على التلال ليعود النادي إلى هويته الوطنية الرياضية الصرفة .. أو أن ما يحدث من هيجان شعبي مفتعل لحساب أطراف يتحكمون في العمق نفسه ..
التلال الذي فقد السيطرة على سفينته لم يعد على حافة الهاوية .. لقد تجاوز الهاوية نفسها .. يراه لوبي الوصاية شرا مستطيرا يجب الابتعاد عن أمواجه العاتية مع فاصل من الغناء ..
تخلى من يدعون وصلا بالتلال عن ممارسة دور المرشد أو المنظر بعد إفلاس النادي .. وتحولت مقراته إلى ثكنات عسكرية .. تركوا التلال للجائحة تكبر و تتعملق و تستفحل في العمق كوباء كورونا ..
لا يريدون للتلال الرحمة حتى وسفينته تتعرض للاستفزاز .. كل تلالي عاشق غير ضال يشعر أنه تعرض لتشفير مشاعره .. يشعر أن وطنه التلالي مستهدف .. وأن ترقيعات الأخ نعمان شاهر مدير مكتب الشباب والرياضة بعدن مجرد لعب على المتناقضات ..
لست متحيزا للتلال .. ولا غرضي صب المزيد من الزيت على النار التي أتمنى من كل قلبي كمحب للتلال أن تنزل بردا وسلاما على قلوب التلاليين .. لأن أزمة التلال اليوم من وجهة نظري مفتعلة مع سبق الإصرار والترصد ..
جماهير التلال غاضبة من تداعيات أزمة عدم تشكيل إدارة جديدة تكون خالية من فيروس السياسة و الحزبية و الكيانات المتصادمة .. لكن أيها التلاليون من يتحكم في السيرك ..؟ من يمسك بالعمق ..؟ ومن يحرك الأحداث عن بعد بحثا عن الطوفان ..؟
جرب التلاليون رجال السياسة .. تسلقوا على سلالم نجوم التلال .. لكنهم سلموا التلال قلعة خاوية على عروشها ..
لا مشاريع استثمارية .. لا مصادر تموين .. لا قاعدة اقتصادية ثابتة تقي التلال الشحت بحثا عن النشاط .. و الأهم أنهم سرقوا الولاء من التلال .. انتزعوا هويته .. وألغوها في اليم ..
التلال جرب الرفاق .. ثم استجار من نارهم برمضاء المؤتمريين .. ثم دارت الدائرة على باغي التحزب .. والنتيجة أن التلال يا مولاي كما خلقتني .. لازال مجرد لقمة سياسية يسهل بلعه ..
مشاعر التلاليين كلها خلف عميده الفنان أبوبكر الماس .. يرون فيه صالح سليم آخر يبعث من تحت رماد و أطلال التلال .. لكن ..
هل الكابتن أبوبكر الماس قادر على تحريك العمق و السيطرة عليه ..؟
إذا كانت الإجابة نعم.. لأن الشعب الجنوبي والتلالي خلفه داعما بالصوت تارة وبجبر الخواطر تارة أخرى ..فكيف يمكنه التعامل مع خزينة تلالية تحتويها ريح صرير ..؟
كيف يمكنه كسر السلاسل و الأصفاد دون ميزانية يستند عليها ..؟
أبو بكر الماس .. ليس غشيما حتى يسقط في فخ السياسة .. أو في بحر لا يسيطر على عمقه .. هو يعلم تماما أن التلال بحاجة إلى عقلية اقتصادية .. إلى مخ استثماري .. إلى تلالي قوي ماليا يضرب الأرض فتطلع بطيخا ..
هل يمكن للسياسيين فتح حنفية مالية تساعد الكابتن أبوبكر الماس على تطويق الأزمة والخروج من شرنقة الوصاية ..؟
خلوا بالكم .. هناك طحالب في بحر التلال .. تتسلق خلسة نحو الشعب المرجانية .. طحالب تريد قرصنة الإدارة لحسابات تجارية بحتة .. هم يتحركون في الخفاء لإعادة التلال إلى بيت الطاعة ..
يعملون ليلا ونهارا على تأجيج الوضع.. لأن الطوفان الجماهيري ينتفض في الأطراف ويتناسى خطورة العمق .. حيث تتكاثر الطحالب و تتحرك لمنع وصول أبناء التلال إلى العمق ..
يحتفي التلال اليوم بعيد ميلاده المائة وخمسة عشر .. فقيرا معدما .. بائسا حزينا .. معزولا و منبوذا.. إلا من جماهيره الغفيرة داخل اليمن و خارجه .. يخوضون صراعا مريرا مع تركة الماضي .. ومع سياسيين لا يظهرون الآن في الصورة .. لكنهم يريدون بقاء التلال تحت وصاية شيخ أو تاجر يضمن ألا يثور العمق ..
هل تفهمون أيها التلاليون ..؟
العمق هو الحل .. و الحليم تكفيه الإشارة ..!