ليونيل ميسي وبرشلونة.. خطاب رحيل بعلم الوصول!

تقرير – محمد يوسف

النهاية تقترب أكثر.. كان هذا ما قاله ميسي في الليلة التي فاز فيها بالكرة الذهبية السادسة. كان من الصعب على جماهير برشلونة قبول تلك الحقيقة حينها، لكن الأمر أصعب الآن، لأنه بعد مرور ثمانية أشهر على ذلك أصبح الأمر أقرب وأكثر واقعية من أي وقت مضى.

في أعماقهم، كانوا يعلمون جميعًا أنه سيرحل في وقت قريب، حيث قال “عمري 32 عامًا”، لم يكونوا بحاجة إلى تذكيرهم بتلك الحقيقة المؤلمة، ليواجهوا الواقع فجأة. ما لم يتخيله أحد هو أنه سيرحل بهذه الطريقة أو بتلك السرعة، وأن يصل الأمر إلى هذا الحد: نهاية مريرة للغاية، محطمة للغاية!

إذا استاء مشجعو برشلونة من مجرد تخيل اعتزال ميسي وتوقفه عن اللعب، فمن الأسوأ التفكير في توقفه عن اللعب لفريقهم فحسب. لا يتعلق الأمر بحقيقة أن ميسي سيرحل، لكنه يتعلق بمتى سيرحل، ولماذا سيرحل، وكيف سيرحل. وإلى أين سيرحل أيضًا، مانشستر سيتي أو باريس سان جيرمان أو يوفنتوس، لا يهم كثيرًا. ما يهم هو أن الأمر يتعلق بنادٍ آخر غير البارسا.

على الأقل عندما قال إن النهاية قد اقتربت، تخيل العشاق أن يصلوا لها معًا، مباراته الأخيرة مثل الأولى، ستكون بقميص برشلونة، وداعًا مليئًا بالدموع، حفل وداع جماعي، لن يحدث أبدًا الآن للأسف!

ميسي يتوج بالكرة الذهبية السادسة في تاريخه

نعم، لأنه ميسي..

ليونيل ميسي

كانت ردود الفعل، حول استخدامه كلمة تقاعد في تلك الليلة في ديسمبر الماضي، كاشفةً عن حالة من الذعر الجماعي، “لا تقل ذلك يا ميسي”، وكأن الأنصار يبحثون عن طريقة للهروب من حقيقة لا يستطيعون مجرد التفكير فيها.

يُقال إن الرياضيين يموتون مرتين، أولهم عندما يتقاعدون. تشبث برشلونة بسنوات ميسي الأخيرة وكأن النادي يحاول تأخير المحتوم.

كما اتضح، لم يتبقَّ حتى عام واحد. بعد 20 موسمًا في برشلونة، 17 منهم في الفريق الأول، وبعد 34 بطولة وتسجيل 634 هدفًا، يكاد يكون من المؤكد أن الأمر قد انتهى. إنها أخبار مؤسفة لبرشلونة وللدوري الإسباني بأكمله، اللذين يواجهان بالفعل واقع مقلق.

لكن حتى هذا الأمر ليس هو الهدف حقًا. لا يتحدث اللاعبون عن التقاعد بنفس الطريقة التي لا يتحدث بها الناس عن الموت، كما يقول جورجي فالدانو، لكن هذا مصير أسوأ من ذلك. ليس بالنسبة لبقية كرة القدم بالطبع، بل ستكون هناك إثارة لرؤيته في مكان آخر بسبب قوة التوقعات، ولكن بالنسبة لمشجعي برشلونة. يبدو أن كل شيء خطأ.

كل شيء خطأ، وقد مضى وقت طويل على هذا، ثم بلغ ذروته هنا، وتم الانهيار الكامل. لاعب كرة القدم يغادر النادي الذي يلعب معه ليس بالأمر الصادم حقًا، لكن في حال ميسي فهو أمر صادم بالفعل. نعم، لأنه ميسي، لكن الأمر أكثر من ذلك.

النادي ضد القائد؟

ليونيل ميسي

وقع ميسي لبرشلونة على منديل ورقي وهو طفل، وخربش تشارلي ريكساش ووالده اتفاقًا على المنديل في نادي التنس على الطريق. والآن سيرحل بخطاب رسمي، انتهى الكلام الآن، انتهى الاقناع، حيث أرسل ميسي إشعارًا قانونيًا بنيته للمغادرة، والقيام بذلك مجانًا، فهناك بند في عقده يسمح له بذلك.

قال المدير الرياضي، رامون بلانز، إنه يريد بناء فريق فائز حول أفضل لاعب في العالم، في الليلة التي سبقت رد إدارة برشلونة عبر خطاب رسمي، تصر فيه على أن هذا البند لا ينطبق بعد انتهاء صلاحيته. تفسير النادي هو أنه إذا كان ميسي سيغادر فكان عليه إبلاغهم بحلول 10 يونيو الماضي. ولكن في أواخر أغسطس، فإن فرصته في المغادرة ضاعت. وذكروه بأن قيمة كسر عقده تبلغ 700 مليون يورو، وقالوا إنهم يرغبون في استمراره مع الفريق.

وهذه بالطبع ليست طريقة للتفاهم أو المصالحة مع ميسي. عندما وصل الطرفان إلى النقطة التي يتحدثان فيها من خلال المحامين والخطابات الرسمية، لم يتبقَّ الكثير من الحب. كل ما تبقى هو التفاوض أو القتال للحد من الضرر أو المخاطرة بمضاعفته. السؤال الآن هو ما الذي ينص عليه هذا البند: هل يحدد تاريخًا؟ وما هو هذا التاريخ؟ وإذا كان الأمر كذلك، فإن الموقف القانوني واضح. إذا لم يكن الأمر كذلك، إن كان ينص على شيء أكثر غموضًا، حيث يشير بدلًا من ذلك إلى مرحلة ما من نهاية الموسم، فيمكن مناقشة ذلك في المحكمة. نعم، قد ينتهي الأمر في المحكمة: النادي ضد القائد.

القائد؟ هذا أفضل لاعب حظي به الفريق في تاريخه، ربما أفضل لاعب من الممكن أن يحظى به أي فريق، لا توجد تسوية مُرضية الآن.

حان الوقت لسحب فرامل الطوارئ!

إن كانت ستنتهي المعركة إذا أبلغهم ميسي بقراره، فإن الحرب قد خُسرت بالفعل. كيف تعود من ذلك؟ وكيف وصلت إلى هذا؟ إلى أي مدى يصبح الأمر بهذا السوء لدرجة أن ميسي مصمم بكل جوارحه على الرحيل، وربما يائسًا جدًا في الواقع لكي يرحل، ومقتنعًا للغاية بأنه لا يوجد شيء ليبقى لأجله، إلى أي مدى ساء الأمر ليتم الإعلان عنه بهذا الشكل؟ ومن خلال محاولة علاج الأمر بهذه الطريقة، فإنه ينكسر أكثر وأكثر.

إذا استرجعنا الأمر منذ بضع سنوات، كيف يمكن أن يضع ميسي، عندما جدد عقده في عام 2017، شرطًا للهرب على الإطلاق؟ لماذا أدخل فرصة الخروج مجانًا وبشروطه في العقد؟ وكيف يمكن أن يتركوه يفعل ذلك؟

لمدة عامين لم يرحل ميسي عندما كان بإمكانه فعل ذلك. لكن الانهيار استمر، وتدهور النادي، وجاءت الليالي المظلمة: روما وليفربول ولشبونة. اتسعت حالة الانقسام. إذا حاولوا إسعاده، فقد فشلوا. يمكن لوم ميسي بالطبع، لكنه في نفس الوقت شاهد سنوات ذروته تمر دون الفوز بكأس أبطال أوروبا. رأى زملائه يغادرون، رأى الآخرين يأتون ويفشلون. والآن، حان الوقت لسحب فرامل الطوارئ.

الصدمة لا تكمن في أن ميسي، الذي ظهر غضبه وإحباطه بشكل متزايد، قد اتخذ هذا القرار. ليس الأمر أن العلاقة سيئة، بل إنها بهذه الدرجة من السوء. كانت فرص المواجهة تزداد وظهرت بشكل علني مؤخرًا، وبدا غضبه واضحًا أكثر فأكثر، لكن بطريقة ما لم يكن التهديد حقيقيًا، وبالتأكيد يبدو أن النادي لم يلحظ الخطر. لم تكن المفاجأة في وجود المشاكل، لكن في أنها كانت شديدة العمق ولا رجعة فيها. وبعد تصرف الإدارة الآن، فهم يعمّقون الجراح أكثر.

خطاب رحيل.. بعلم الوصول!

ميسي

الأزمة المستمرة منذ خمس سنوات، جعلت ميسي يدير ظهره لكل شيء: ناديه، منزله، خططه الخاصة. وعندما فعل ذلك، أعلن كارليس بويول دعمه، ورد لويس سواريز بالتصفيق، وقال أرتورو فيدال إنه عندما “يُحاصر النمر يخرج للقتال”.

هذه حرب، والعداء مفتوح. وفي المنتصف يقف النادي، ما بقي منه على أي حال. والآن حتى أهم رمز لديهم أصبح مُلطّخًا. لا شيء يمكن محوه ولكن يمكن رؤيته بعيون مختلفة. الصراع الآن أبدي، وسوف يتخذ كل شخص طرفًا فيه. لا تراجع عن هذا الآن، حتى لو أمكن، بطريقة ما، إقناعه بالبقاء، لن تعود المياه إلى مجاريها من جديد!

رأى البعض تحرك ميسي كوسيلة للضغط على الإدارة، ومحاولة أخيرة لفرض التغيير على رأس مجلسها، لكن الأمور تجاوزت بارتوميو الآن، الرئيس الذي لن يستقيل على أي حال. والذي يحتاج إلى وقت لإصلاح الفوضى الاقتصادية التي يمكن أن تصبح مسؤوليته الشخصية، فهو حرفيًا لا يستطيع تحمل تبعات الرحيل.

وهكذا ينتهي الأمر، بتغيير كل شيء بالنسبة للجميع. ليس لأن ميسي سيرحل، ولكن بسبب الطريقة التي يحدث بها ذلك، حدث الضرر وانتهى الأمر. حتى لو كسب برشلونة ما يكفي من المال لحل الأزمة المالية، حتى لو قاموا ببناء فريق يفوز بدونه، ليخرج آخرون من ظله الطويل، حتى لو لم يلعب بشكل جيد أينما ذهب، حتى لو أصابته الحسرة بعد الرحيل، وربما يعرف بالفعل أنه سيفعل. حتى مع كل ذلك، فهذه وصمة لن تختفي أبدًا.

لا يتعلق الأمر بالعام القادم، هذا يتعلق بكل عام. ستظل هذه اللحظة حاضرة دائمًا، جزء من الإرث الضائع والحزن المقيم. رمز للانهيار، لفشل ذريع وبشكل مذهل، لأزمة أخذت في النهاية كل شيء معها، حتى ميسي. سيتذكر المشجعون دائمًا الوقت الذي ساءت فيه الأمور، لدرجة أن أفضل لاعب لديهم قرر الرحيل، وأرسل خطابًا ليقول ذلك، الأخبار التي كانوا يخشونها أكثر من أي أخبار أخرى، ربما في تاريخهم بأكمله، جاءت بعلم الوصول.

 

* تقرير مترجم من صحيفة الجارديان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى