المرآة لا تكذب..

كتبت- ترياء البنا

انتهت فترات الاستعداد والتحضير والكلام والوعود البراقة، ودخلنا معمعة الواقع الذي بدا مريرا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لأنه عرى الحقائق التي تمنينا دائما ألا تكون كابوسا كهذا الذي نعيشه كجمهور- على أقل تقدير- منذ انطلاق منافسات كأس آسيا.

منذ بداية البطولة، التي تحظى بتنظيم أكثر من رائع للدوحة، التي أصبحت بلا منازع، عاصمة للرياضة، ومتابعة كبيرة، والأهم أنها أظهرت مدى تطور الكرة في بلدان كانت قبيل البطولة مجرد أسماء تشارك فقط من أجل المشاركة، وهنا أيضا لا أستثني كأس آسيا، لأنه في الجهة الأخرى، تشهد أمم أفريقيا نفس الحال، وليس أدل على ذلك من تأهل طاجيكستان للدور الثاني في أول مشاركة لها بالبطولة القارية، لنتفاجأ بأن العالم يسرع الخطى من حولنا ونحن لانزال ندور في فلك عقيم.

إن مستوى منتخبنا في كأس آسيا، ومدى المعاناة التي يعيشها مع كل مباراة، أمر طبيعي، وليس السبب فيه مدرب أو لاعب أو مسؤول إداري أو تنفيذي فقط، وإنما المنظومة الرياضية كلها في حاجة إلى إعادة ترتيب الأوراق، لا بد من وضع استراتيجية محددة الأهداف( طويلة وقصيرة المدى)، وتوفير الأدوات اللازمة لتنفيذها سواء مادية أو بشرية، مع وضع الجمهور في الصورة بشكل دائم، لأنه لا نجاح بدون دعم جمهور، ولن تنال دعم الجماهير إلا إذا اقتنعت بحجم العمل الذي يقدم، حينها فقط، ربما تتقبل هذه الجماهير اي إخفاق، لأنها ستعتبره تعثر من أجل التطور.

من يتابع بطولة آسيا، سيرى أن الفروقات كبيرة، خاصة بين لاعبينا ولاعبي المنتخبات الأخرى، وهذا أيضا أمر طبيعي، كل المنتخبات لديها لاعبون محترفون، حتى وإن لم يلعبوا خارج بلدانهم، لكنهم محترفون بالمعنى الاحترافي لممارسة كرة القدم، أما لاعبونا، وبكل شفافية، فليسوا سوى محليين هواة، ينشطون بدوري غير احترافي، وهو ما يعني أنك لو أتيت بجوارديولا لتدريب المنتخب فلن يحقق شيئا، لأن اللاعب هو العنصر الأول والأساسي لكرة القدم، أضف إلى ذلك ما تعانيه كرتنا على مستوى سوء أرضية الملاعب، وغياب معايير السلامة للاعبين، والمعاناة المادية للأندبة، التي أعتبرها السبب الرئيسي فيما نواجهه، لأن اللاعب قبل كل شيء رب أسرة.

لقد وضعتنا بطولة كأس آسيا أمام مرآة واقع كرتنا المؤلم، لنصبح الآن أمام مفترق طرق، فإما أن نعمل بجد لمحاولة اللحاق بالركب، أو نرضى بما نحن عليه، ولا نتحدث بالوعود التي ندرك أنها لن تتحقق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى